وبنو عبد مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه! فقام عنه الأخنس وتركه ..
فهو الحسد كما نرى. يقعد بأبي جهل عن الاعتراف بالحق الذي غالب نفسه عليه فغلبته ثلاث ليال! هو الحسد أن يكون محمد قد بلغ إلى ما لا مطمع فيه لطامع. وهو السر في قولة من كانوا يقولون: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا؟.
وهم الذين كانوا يقولون: لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ .. يقصدون بالقريتين مكة والطائف، وفيهما كان كبراء المشركين وعظماؤهم الحاكمون المسودون؛ الذين كانوا يتطلعون إلى السيادة عن طريق الدين، كلما سمعوا أن نبيا جديدا قد أطل زمانه. والذين صدموا صدمة الحسد والكبر حينما اختار الله- على علم- نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم وفتح له من أبواب رحمته وأفاض عليه من خزائنها ما علم أنه يستحقه دون العالمين).
كلمة في السياق:[حول مضمون المقدمة وصلتها بالمحور، وصلة لسورة الصافات بسورة ص]
١ - رأينا أن محور سورة (ص) هو قوله تعالى من سورة البقرة:
وقد رأينا في مقدمة سورة (ص) كيف أن الإنذار لا ينفع في هؤلاء الكافرين؛ بدليل أن الله عزّ وجل بعد أن عرض علينا مواقفهم ختمها بقولهم: وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ فنهاية المطاف أنهم استعجلوا العذاب، ومن قبل ذلك قصّ الله علينا عنهم وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ.
ومن استعراضنا لمجموع صفاتهم في المقدمة نعرف الحالة التي إذا وجدت لم يعد الإنذار ينفع: