غير محله. وفي هذا لفت نظر للإنسان: أنك أيها الإنسان كما أنك تبخل حيث لا ينبغي البخل، فإنك تكفر وتظلم حيث لا ينبغي الكفر والظلم.
٢ - إن الله عزّ وجل من صفاته الكرم، ومن كرمه أنه صرّف في هذا القرآن من كل مثل، وأعطى محمدا صلّى الله عليه وسلّم ما أعطى، وإذ كانت من صفاتهم البخل لم يتصوروا كيف ينعم الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم بمثل هذا الإنعام والإكرام.
٣ - تذكيرهم ببخلهم في هذا المقام إنما هو في الوقت نفسه تذكير بكرم الله المطلق الذي ينبغي أن يقابل بالشكر، وإذا بهم يقابلونه بالكفر والظلم، كما أنّه تذكير لهم بحاجتهم إلى هداية الله، كيف وهذه طبيعتهم، وفي الآية مثل، وفي ما سبقها مثل وذلك مناسب لختم المقطع الذي بدايته: وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لقد ختم المقطع بالتمثيل لما في هذا القرآن من أمثال.
كلمة في السياق:[حول صلة المقطع بما سبقه وبمحور السورة]
نلاحظ أنه قد مر معنا في السورة مقطعان، كل منهما مبدوء بقوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا الأول وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً والثاني وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً ونلاحظ أن المقطع الأول أقام الحجة على التوحيد واليوم الآخر. وهذا المقطع أقام الحجة على الإيمان بالرسول صلّى الله عليه وسلّم واليوم الآخر، وذكر هنا زيادة تفصيل عن حالهم عند الحشر وما هو عذابهم، بينما هناك اكتفى بإقامة الحجة وتقرير الوقوع.
هناك قال وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً وهاهنا قال: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً ومن ثم نجد نموذجا على التصريف الموجود في هذا القرآن، ونجد نموذجا على وحدة السياق ضمن السورة الواحدة؛ إذ يخدم كل جزء فيها بقية الأجزاء، ونلاحظ أن بين هذين المقطعين:
وجد المقطع المبدوء بقوله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ وهذا المقطع ينتهي بقوله تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ والمقطع الموجود في الوسط يتحدث عن مواقف