لقد قيل لموسى عليه السلام: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى ... وقيل له:
وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي ... وقيل له: وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي. وكلها تعبيرات تدل على مقامات رفيعة. ولكنه قيل لمحمد- صلى الله عليه وسلم-:
فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وهو تعبير فيه إعزاز خاص، وأنس خاص. وهو يلقي ظلا فريدا أرق وأشف من كل ظل ... ولا يملك التعبير البشري أن يترجم هذا التعبير الخاص.
فحسبنا أن نشير إلى ظلاله، وأن نعيش في هذه الظلال).
...
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ أي: للصلاة، أو من أي مكان قمت، أو من منامك
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ قال ابن كثير: أي اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل وَإِدْبارَ النُّجُومِ أي: وإذا أدبرت النجوم آخر الليل فسبحه قال النسفي: (أي في أعقاب النجوم وآثارها إذا غربت) والمراد أن يقول: سبحان الله وبحمده في هذه الأوقات، وقيل التسبيح: الصلاة إذا قام من نومه وَمِنَ اللَّيْلِ صلاة العشاءين وَإِدْبارَ النُّجُومِ صلاة الفجر.
[كلمة في السياق]
١ - دلت الآيتان الأخيرتان بسبب كونهما معطوفتين على قوله تعالى:
فَذَكِّرْ على أن الدعوة إلى الله تحتاج إلى صبر وعبادة، وخص بالذكر التسبيح بحمد الله في الصلاة وغيرها، لما يتركه ذلك في النفس من تسليم، والملاحظ أن الذين يشتغلون بالدعوة إلى الله دون أن تكون لهم أورادهم لا يستطيعون الاستمرار، وإذا استمروا فإنتاجهم قليل، فلا بد أن يجتمع للداعية التذكير والصبر والعبادة.
٢ - نلاحظ أن السورة تألفت من ثلاث مجموعات واضحة التمايز، وواضحة الصلات، وكلها تخدم قضية التقوى، التي هي المضمون الرئيسي لمحور السورة من سورة البقرة.
[الفوائد]
١ - قدم ابن كثير لتفسير سورة الطور بما يلي: (قال مالك: عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه. أخرجاه من طريق مالك، وروى البخاري عن زينب