للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - [كلام ابن كثير عن صفات المؤمنين بمناسبة آية مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ .. ]

بمناسبة قوله تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ قال ابن كثير: (كما قال عزّ وجل فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ (التوبة: ٥٤) وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدا عنيفا على الكفار، رحيما برّا بالأخيار، غضوبا عبوسا في وجه الكافر، ضحوكا بشوشا في وجه أخيه المؤمن كما قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً (التوبة: ١٢٣) وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر» وقال صلّى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك صلّى الله عليه وسلم بين أصابعه، كلا الحديثين في الصحيح.

أقول: في سورة المائدة ذكرت مواصفات الجماعة التي تقف في وجه الردة وتستأهل الغلبة والنصر، ومجئ آية مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ... في سياق سورة الفتح يشعر بأن ما ذكرته هذه الآية هو مواصفات الجماعة التي تستأهل الرعاية والنصرة والغلبة، فلنتدبر الآية، وليحاول المسلم أن يأخذ حظّه مما ورد فيها، ولتحاول الطائفة القائمة بالحق أن تأخذ بحظها من ذلك الإيمان، والعمل الصالح، والوحدة والتلاحم والتفاني، ووضاءة الوجوه من العبادة، والركوع والسجود، والرحمة بالمؤمنين، والشدّة على الكافرين.

ومجئ هذه الآية بعد قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ... يشعر أن وجود من هذا شأنهم هو الطريق إلى انتصار الإسلام، ولقد تحقق أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم بما ورد في الآية، وعلى أتباعه- عليه الصلاة والسلام- أن يفعلوا ليكون لهم شرف المعيّة له صلّى الله عليه وسلم، فلئن فاتتهم معيّة الجسد فلا تفوتهم معيّة الاقتداء والتحقيق والتخلق، وإن في الآية لردا على من أغفلوا الصراع مع الكفر وتناسوه.

١١ - [تفسير ابن كثير لكلمة «سيماهم» بمناسبة آية سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ .. ]

بمناسبة قوله تعالى سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ قال ابن كثير: (قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: سيماهم في وجوههم

<<  <  ج: ص:  >  >>