للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التفسير]

وَلَقَدْ آتَيْنا أي أعطينا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً أي علم الدين والحكم وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ قابلا النعمة بشكرها.

[فائدة]

بمناسبة قوله تعالى: وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ قال النسفي: (وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير، وفي الآية دليل على شرف العلم، وتقدم حملته وأهله، وأن نعمة العلم من أجل النعم، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلا على كثير من عباده، وما سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثة الأنبياء إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة، لأنهم القوام بما بعثوا من أجله، وفيها أنه يلزمهم لهذه النعمة الفاضلة أن يحمدوا الله على ما أوتوه، وأن يعتقد العالم أنه إن فضل على كثير فقد فضل عليه مثلهم وما أحسن قول عمر رضي الله عنه: كل الناس أفقه من عمر).

وبمناسبة هذه الآية. قال ابن كثير: (روى ابن أبي حاتم .. أنه: كتب عمر بن عبد العزيز: (إن الله لم ينعم على عبده نعمة فيحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل نعمه لو كنت لا تعرف ذلك إلا في كتاب الله المنزل: قال الله تعالى وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فأي نعمة أفضل مما أوتي داود وسليمان عليهما السلام).

[كلمة في السياق]

هذه الآية بينت أنه كما أوحي إلى موسى أوحى الله إلى داود وسليمان عليهما السلام وعلمهما، وأنهما قابلا ذلك بالحمد والشكر، وإذن فلا عجب أن ينزل الله الآيات على محمد صلى الله عليه وسلم ويعلمه، وفي الآية درس للإنسان أن يقابل التعليم الإلهي بالشكر، ولنلاحظ أنه قد وردت قصة موسى بعد قوله تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ فجاءت قصة موسى كنموذج على آثار علم الله وحكمته. وها هي قصة سليمان تصدر بقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً فكما أن معلم القرآن هو الله، فمعلم داود وسليمان هو الله، فقصة سليمان إذن نموذج على التعليم الرباني، فهي نموذج على آثار علم الله وحكمته، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>