الله، ونيل رضوانه في الآخرة، والدنيا بالنسبة له طريق ومعبر وممر.
٢ - في مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الدنيا دار من لا دار له.
ومال من لا مال له. ولها يجمع من لا عقل له». كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
[المعنى العام]
كان الناس على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم الرسل، وتتابع إرسال الرسل بالتبشير والإنذار. وأنزل مع الرسل الكتاب المرجع للناس في شئونهم كلها، وجعل الكتاب من الوضوح والحجة بحيث لا يمترى فيه، ومع ذلك اختلف الناس بعد ما قامت الحجج عليهم. وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض. أما أهل الإيمان فإن الله عزّ وجل تولى هدايتهم إلى الحق عند الاختلاف، فكانوا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف. فأقاموا على الأمر الأول الذي كان قبل الاختلاف، واعتزلوا الاختلاف. وكانوا بذلك شهداء على الناس في كل عصر، وحجة على الخلق.
وذلك شأن الله. يهدي من يشاء من خلقه إلى صراطه المستقيم عدلا، وفضلا.
[المعنى الحرفي]
كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً: أي متفقين جماعة واحدة على الإسلام الخالص من بعد آدم. ثم حدث الخلاف. ويدل على ذلك ما جاء في الآية بعد لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. ويدل على ذلك القول الأصح عن ابن عباس قال:«كان بين نوح وآدم، عشرة قرون. كلهم على شريعة الحق، فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين». فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ. أي فأرسل الرسل عليهم السلام مبشرين بالثواب للمؤمنين، ومنذرين بالعقاب للكافرين. وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ: قال النسفي: (أي أنزل مع كل واحد منهم كتابه بتبيان الحق) لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ: أي ليحكم الكتاب بين الناس في دين الإسلام الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق، فيرجعون إلى الإسلام، ويبقون عليه.
وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ: أي في الحق. إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ: أي إلا الذين أوتوا هذا