مَفاتِحَهُ المفاتح: جمع مفتح، وهو: ما يفتح به الغلق، قال سعيد بن جبير والسدي كما ذكر ابن كثير في تفسير المراد بمالك المفاتح هنا: هو خادم الرجل من عبد وقهرمان، فلا بأس أن يأكل مما استودعه من الطعام بالمعروف. وقال النسفي:(قال ابن عباس رضي الله عنه: هو وكيل الرجل وقيمه في ضيعته، وماشيته، له أن يأكل من ثمر ضيعته، ويشرب من لبن ماشيته) وإذن فقد أريد بملك المفاتح كونها في يده وحفظه وقيل: أريد بالمالك في الآية بيت عبده، لأن العبد وما في يده لمولاه أَوْ صَدِيقِكُمْ قال ابن كثير:(أي بيوت أصدقائكم وأصحابكم، فلا جناح عليكم في الأكل منها إذا علمتم أن ذلك لا يشق عليهم، ولا يكرهون ذلك. وقال قتادة: إذا دخلت بيت صديقك فلا بأس أن تأكل بغير إذنه) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أي إثم أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أي مجتمعين أَوْ أَشْتاتاً أي متفرقين، نفت هذه الآية الحرج عن الناس في الأكل منفردين أو مجتمعين، إذ كان ناس يتحرجون أن يأكلوا منفردين، وكان ناس يتحرجون أن يأكلوا مجتمعين، خوفا أن يأكل أحدهم أكثر من الآخر، فجاءت هذه الآية لتنفي الحرج عن كل هذا فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً أي من هذه البيوت لتأكلوا فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ أي فابدءوا بالسلام على أهلها الذين منكم دينا وقرابة، أو المعنى: فإذا دخلتم بيوتا فارغة أو مسجدا فقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أي ثابتة بأمره، مشروعة من لدنه، أو لأن التسليم والتحية طلب سلامة وحياة للمسلم عليه والمحيا من عند الله مُبارَكَةً طَيِّبَةً وصفها بالبركة والطيب لأنها دعوة مؤمن لمؤمن، يرجى بها من الله زيادة الخير، وطيب الرزق كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي
لكي تعقلوا وتفهموا قال ابن كثير:(لما ذكر تعالى ما في هذه السورة الكريمة من الأحكام المحكمة، والشرائع المتقنة المبرمة، نبه تعالى عباده على أنه يبين لهم الآيات بيانا شافيا ليتدبروها ويعقلوها).
[كلمة في السياق]
جاء في هذه المجموعة عدة أحكام فإذا تذكرنا أن هذه السورة محورها ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وأن سياقها تحدده الآية الأولى منها وهي سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ إذا تذكرنا هذا علمنا أن هذه الأحكام مما ينبغي أن يعرفه المسلم ويعتقده ويلتزم بما فيه، كي يحقق أمر الدخول في الإسلام كله، ولم يبق عندنا إلا خاتمة السورة فلنذكر بعض الفوائد حول المجموعة الثانية، ثم نذكر بعد