ولقد تنبأ لينين وبعده ستالين بحتمية الحرب بين العالم الرأسمالي والعالم الشيوعي وها هو ذا خليفتهما «خروشوف» يحتمل راية «التعايش السلمي».
ولا نمضي طويلا مع هذه «الحتميات» التنبئية. فهي لا تستحق جدية المناقشة! إن هنالك حقيقة واحدة مستيقنة هي الغيب، وكل ما عداها احتمالات. وإن هنالك حتمية واحدة هي وقوع ما يقضي به الله ويجري به قدره. وقدر الله غيب لا يعلمه إلا هو.
وإن هنالك- مع هذا- سننا للكون ثابتة، يملك الإنسان أن يتعرف إليها، ويستعين بها في خلافة الأرض، مع ترك الباب مفتوحا لقدر الله النافذ؛ وغيب الله المجهول ..
وهذا قوام الأمر كله .. ».
[المجموعة الحادية عشرة]
وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ المفاتح جمع مفتح وهو المفتاح، جعل للغيب مفاتح على طريق الاستعارة لأن المفاتح يتوصل بها إلى ما في الخزائن المستوثق منها بالأغلال والأقفال، ومن علّمه الله مفاتحها وكيفيّة فتحها توصّل إليها فأراد أنّه هو المتوصّل إلى المغيّبات وحده لا يتوصّل إليها غيره كمن عنده مفاتح أقفال المخازن، ويعلم فتحها فهو المتوصّل إلى ما في الخزائن، ويدخل في ذلك العذاب والرّزق، وما غاب عن العباد من الثّواب والعقاب والآجال والأحوال وخصّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم من مفاتح الغيب خمسا بالذكر سنراها في الفوائد وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ. أي: من النّبات والدّوابّ وغير ذلك وَالْبَحْرِ من الحيوان، والجواهر، والعناصر وغير ذلك وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها. أي: ما من ورقة تسقط إلا ويعلم عددها وأحوالها قبل السقوط وبعده وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ إلّا يعلمها وَلا رَطْبٍ. أي:
ذي رطوبة وَلا يابِسٍ إلا يعلمه كذلك، والجميع في كتاب مبين إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ واحد وهو هنا إما علم الله، أو اللوح المحفوظ قال صاحب الظلال وهو يعرض هذه الآية:
«إنها صورة لعلم الله الشامل المحيط؛ الذي لا يندّ عنه شئ في الزمان ولا في المكان، في الأرض ولا في السماء، في البر ولا في البحر، في جوف الأرض ولا في طباق الجو، من حي وميت ويابس ورطب ...
ولكن أين هذا الذي نقوله نحن- بأسلوبنا البشري المعهود- من ذلك النسق