عن فعل غيره إلا في حالات المسئولية المشتركة والتقصير، أو في حالات يكون على الإنسان تكليف ما في حق الآخرين، وإنما كان التأنيب شاملا، للموافقة والاستمرار على فعل القبيح، وعلى كل حال فإننا نأخذ من هذا درسا في ضرورة مراجعة الحال القلبي لنا، فلا نقر خطأ وقع فيه أحد من هذه الأمة خلال العصور، ونسعى ما استطعنا أن تستقيم أمورنا، وأمور أمتنا لأن في ذلك نجاتنا جميعا.
اعتذار: كثيرا ما يحدث أن تتجمع التحقيقات في مكان واحد من التفسير، وهذا يؤدي إلى تضخيم قسم من التفسير، وضمور أقسام أخرى، وهذا الذي دعانا أن نرجئ كثيرا من التحقيقات حتى تأتي مناسباتها الأكثر ملائمة؛ حتى لا يتضخم تفسير سورة البقرة.
[فصل في أكل الثوم والبصل]
بمناسبة قوله تعالى على لسان اليهود لموسى فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قال القرطبي:
اختلف العلماء في أكل البصل والثوم وما له رائحة كريهة من سائر البقول: فذهب جمهور العلماء إلى إباحة ذلك للأحاديث الثابتة في ذلك، وذهبت طائفة من أهل الظاهر القائلين بوجوب الصلاة في الجماعة فرضا- إلى المنع وقالوا: كل ما منع من إتيان الفرض والقيام به فحرام عمله والتشاغل به ... أقول: الأكل مباح، ولكن إذا ترتب عليه إيذاء مطلق، أو إيذاء لمن لا يتسامح بمثل ذلك، فالكراهة حاصلة وسنرى الموضوع تفصيلا في قسم السنة.
[فصل في الصابئة]
هل المراد بالصابئة في آية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ صابئة العراق الحاليين؟ وبالتالي فالآية تتحدث عن أسلاف لهم كانوا على حق، أو المراد بهم من مال عن الدين الباطل إلى الدين الحق كالحنيفيين من العرب قبل الإسلام؟ قولان للعلماء، وفي صابئة العراق قولان في جواز أكل ذبائحهم، ونكاح نسائهم ذكرهما القرطبي، والذي أرجحه عدم جواز ذلك لأنهم أفردوا باسم خاص عن أهل الكتاب، وقد خص أهل الكتاب بجواز أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم.