ومن خصوصيات يوم النحر، وأيام التشريق؛ التكبير الجهري المطلق فيه للحجاج وغيرهم. وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيرا.
ومن خصوصيات يوم عرفات للحاج أنه يوم أداء ركن الوقوف. ومن خصوصيات ليلة النحر، أنها ليلة الإفاضة من عرفات، والجمع بين الصلاتين بمزدلفة، ومن خصوصيات يوم النحر أنه يوم الوقوف بمزدلفة ما بين الفجر والشمس، ويوم الإفاضة إلى منى، ورمي جمرة العقبة فيه.
وهو يوم الذبح ... ويوم الحلق ... ويوم طواف الإفاضة.
ومن خصائص أيام التشريق للحاج. أن فيها المبيت بمنى، ورمي الجمرات. وبانتهاء الكلام عن مناسك الحج يبدأ السياق موضوعا جديدا، هو الموضوع الختامي للقسم الثاني في سورة البقرة. وهو موضوع الفقرة السادسة.
[كلمة بين يدي الفقرة السادسة]
بعد آية البر خوطب المؤمنون مرتين بصيغة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا* ودلوا في كل مرة على طريق مؤد إلى التقوى. وبعد الخطاب الأول ذكر شئ له علاقة بالتقوى كثمرة من ثمارها. وبعد الخطاب الثاني ذكرت أشياء لها علاقة بالتقوى كثمرة من ثمارها، أو أثر من آثارها. ثم جاء الكلام عن الحج، وهو طريق من طرق الوصول إلى التقوى. وقد ختمت آياته بالأمر بالتقوى كما رأينا. وبالكلام عن الحج تكون سورة البقرة قد تحدثت عن أركان الإسلام الخمسة. الثلاثة الأولى في آياتها الأول. وفي القسم الثاني تحدثت عن الصيام والحج، كما تحدثت عن اتباع الهدى المتمثل بالكتاب الذي هو الثمرة المباشرة للتقوى. وعن مجموعة أمور مرتبطة بهذا الموضوع. والمفروض بعد هذا البيان المتسلسل العجيب أن يصفو الإنسان لله خالصا. ولا نقصد بالإنسان هنا.
الكافر الخالص، لأن ذلك انتهى أمره كما رأينا في مقدمة سورة البقرة بل المراد هو الإنسان المنتسب للإسلام ولكن الواقع أن الناس يبقون صنفين. فصنف يبقى منافقا مع كل هذا البيان. وصنف يخلص لله خلوصا تاما. والحديث عن هذين الصنفين هو الذي يختم به القسم الثاني وهو مضمون الفقرة السادسة.