(نقلت هذه النقول الأربعة عن كتاب سيكولوجية القصة في القرآن).
[فصل في حكمة من حكم تكرار المعاني في القرآن]
يلاحظ أنه في سياق إقامة الحجة على بني إسرائيل أن قضية عبادتهم للعجل تعرض مرة بعد مرة، وفي كل مرة تأتي ضمن سياق يناسبها، فمرة في سياق الكلام عن النعمة، لأن الله تاب عليهم مع فعلهم الشنيع هذا، ومرة في سياق إقامة الحجة عليهم في أن الانحراف عن أمر الله طبيعة لهم، ومرة في معرض استمرارية هذا الانحراف فيهم، والانتباه لحكمة تكرار بعض الأمور في القرآن مهم إن في عملية التربية، أو في عملية الصراع مع الكافرين، فالقضية التي تتكرر في القرآن مرات ومرات لم تتكرر إلا وهناك سياق يقتضيها، ثم إن تكرارها مهم إن في ضرورة هذا التكرار للنفس البشرية، أو في ضرورة هذا التكرار للتوضيح، أو للتفصيل، أو للصراع مع الكفر وأهله، وقد أدرك علماء النفس المعاصرون أهمية التكرار في تثبيت المعاني، وبنى عليه المشتغلون في فنون الدعاية والإعلام كل نظرياتهم في الدعاية والإعلام، وبنى عليه الشيوعيون وغيرهم نظرية غسيل الدماغ التي محتواها أن تجعل الإنسان في وضع غير طبيعي، ثم تكرر عليه بعض المعاني آلاف المرات حتى تستقر عنده ويزول ما عداها، وكل ذلك مرجعه ما عرف عن طبيعة النفس البشرية، ولئن أدرك الإنسان هذا فالله الذي خلق الإنسان أعلم به وأعلم باحتياجاته، فكان كتابه مذكرا للإنسان على حسب احتياجات الإنسان، وإن كل قراءة للقرآن لتتأكد فيها عند القارئ معان وتستقر معان، ويتذكر بها القارئ الخاشع معاني ومن خلال التكرار بأساليب شتى تأخذ كل قضية محلها في النفس البشرية، مراعى في ذلك ما تغفل عنه النفس البشرية كثيرا، أو ما تحتاج إلى تذكره كثيرا، إلى غير ذلك من معان لا يحاط بها، وفي هذا كله من مظاهر الإعجاز القرآني الكثير لمن عقل.
[فصل في التوسل]
مما يستدل به القائلون بجواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وموته قوله تعالى:
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ إذ ورد في سبب نزولها أكثر من رواية فبعض الروايات تذكر عنهم أنهم كانوا يقولون «إن نبيا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم» وبعض الروايات تذكر ما يلي: