للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلِيغاً أي: قولا يبلغ منهم، ويؤثر فيهم: والبلاغة: أن يبلغ الإنسان بلسانه كنه ما يريد، ويمكن أن يراد بالإعراض، الإعراض عن العقاب والعتاب. وبالوعظ التذكير، وبالإبلاغ إيصال الحقائق إلى أنفسهم بأبلغ أسلوب.

[فائدة]

مما ورد في أسباب نزول هذه الآيات، أنها نزلت في رجل من الأنصار، ورجل من اليهود تخاصما، فجعل اليهودي يقول: بيني وبينك محمد، وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف.

وروى الطبراني في سبب نزولها عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المشركين، فأنزل الله أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ ... الآيات، وقيل غير ذلك. قال ابن كثير: والآية أعم من ذلك كله، فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هنا.

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ. أي: وما أرسلنا رسولا قط إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ. أي: إلا ليطاع بتوفيق الله في طاعته وتيسيره، أو بسبب إذن الله في طاعته، إذ إنه أمر المبعوث إليهم أن يطيعوه، لأنه مؤد عن الله، فطاعته لله. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالتحاكم إلى الطاغوت. جاؤُكَ تائبين من النفاق، معتذرين عما ارتكبوا من الشقاق. فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ من النفاق والشقاق.

وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ. أي: بالشفاعة لهم، والدعاء لهم لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً. أي: لعلموه توابا عليهم إن تابوا رحيما بهم. والمعنى: ولو وقع مجيئهم للرسول في وقت ظلمهم مع استغفارهم، ثم استغفر الرسول لهم، لوجدوا الله توابا رحيما، ولم يقل: واستغفرت لهم، وعدل عنه إلى طريقة الالتفات تفخيما لشأنه صلى الله عليه وسلم، وتعظيما لاستغفاره، وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول صلى الله عليه وسلم من الله بمكان.

[فائدة]

لم يفرق بعض الإسلاميين بين دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطابه بعد وفاته. ولا بد في الحقيقة أن نفرق بين دعائه- والدعاء لا يجوز إلا لله- وبين مخاطبته أن يدعو الله للمخاطب. وقد روى ابن كثير عند هذه الآية هذه الحادثة قال: «وقد ذكر جماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>