الذي لم يبحه الله ولم يشرعه من مثل السرقة، والغضب، وغير ذلك. وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لها تفسيران، الأول: لا تلقوا أمرها والحكومة فيها إلى الحكام. كأن يكون على رجل مال وليس عليه بينة. فيجحد المال، ويخاصم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم، آكل حرام. يخاصم وهو يعلم أنه ظالم. والتفسير الثاني: وتلقوا بعضها إلى حكام السوء على وجه الرشوة. لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ: أي لتأكلوا بواسطة التحاكم طائفة من أموال الناس بِالْإِثْمِ: أي بطريق الإثم. إما بشهادة الزور، أو بالأيمان الكاذبة، أو بالصلح مع العلم بأن المقضي له ظلم. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ: أنكم على الباطل. وارتكاب المعصية مع العلم أقبح، وصاحبها بالتوبيخ أحق.
[فوائد]
١ - الحاكم لا يكون آثما إذا قضى حسب الظاهر. ولم يكن مرتشيا. والإثم في هذه الحالة على المبطل. ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ألا إنما أنا بشر. وإنما يأتيني الخصم. فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له. فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها». قال ابن كثير:«فدلت هذه الآية الكريمة، وهذا الحديث على أن حكم الحاكم لا يغير الشئ في نفس الأمر فلا يحل في نفس الأمر حراما هو حرام. ولا يحرم حلالا هو حلال. وإنما هو ملزم في الظاهر فإن طابق في نفس الأمر فذاك. وإلا فللحاكم أجره، وعلى المحتال وزره».
٢ - عند قوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ قال القرطبي:
(الخطاب بهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق. فيدخل في هذا: القمار والخداع، والغصوب، وجحد الحقوق، وما لا تطيب به نفس مالكه، أو حرمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه. كمهر البغي، وحلوان الكاهن، وأثمان الخمور، والخنازير، وغير ذلك).
وقال قوم: المراد بالآية وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ أي في الملاهي، والقيان، والشرب، والبطالة. فيجئ على هذا إضافة المال إلى ضمير المالكين.
٣ - في الآية نهيان: إذ وَتُدْلُوا بِها معطوفة على وَلا تَأْكُلُوا. فهي