غير محلهما الصحيحين. لقد صبغنا الله بالإيمان صبغته، فالحمد لله رب العالمين.
[كلمة في السياق]
لقد رأينا أن هذه الفقرة رد على الداعين لغير ملة إبراهيم، وهذا الرد يأتي على مرحلتين: المرحلة الأولى هي ما مر معنا، ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية: وهي الآيات الأخيرة في الفقرة فصار التسلسل: وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا ...
هذه المرحلة الأولى في الرد، والمرحلة الثانية تبدأ بقوله تعالى:
قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ ... فهذا وما بعده من الفقرة تتمة الجواب على قولهم الذي بدأت به الفقرة فلنر تفسير تتمة الفقرة:
قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ أي أتجادلوننا وتناظروننا في شأن الله وهدايته واصطفائه من شاء، كاصطفائه النبي صلى الله عليه وسلم من العرب دونكم، وتقولون لو أنزل الله على أحد لأنزل علينا، وترون أنكم أحق بالنبوة منا وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ أي نشترك جميعا في أننا عباده، وهو ربنا، وهو يصيب برحمته وكرامته من يشاء من عباده وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ يعني أن العمل علامة ودليل، أنتم لكم أعمال ولنا أعمال، ومن تأمل أعمالنا وأعمالكم عرف المستقيم على أمر الله من المنحرف وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ هذه هي العلامة الثانية على أننا أهل الهداية لا أنتم والمعنى: ونحن له موحدون، نخصه بالإيمان وأنتم به مشركون، والمخلص أحرى بالكرامة وأولى بالهداية، فنحن المهتدون لا أنتم، قال البيضاوي: «روي أن أهل الكتاب قالوا: الأنبياء كلهم منا فلو كنت نبيا لكنت منا، فنزلت: قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لا اختصاص له بقوم دون قوم، يصيب برحمته من يشاء من عباده وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ فلا يبعد أن يكرمنا بأعمالنا، كأنه ألزمهم (أي الحجة) على كل مذهب ينتحونه إفحاما وتبكيتا، فإن كرامة النبوة إما تفضل من الله على من يشاء- والكل فيه سواء- وإما إفاضة حق على المستعدين لها بالمواظبة على الطاعة والتحلي بالإخلاص، فكما أن لكم أعمالا ربما يعتبرها الله في إعطائها، فلنا أيضا أعمال وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ أي:
موحدون نخلص بالإيمان والطاعة دونكم». وقد رد الألوسي اتجاه البيضاوي هذا،