١٤ - بمناسبة الآيات الأخيرة من سورة الحشر قال ابن كثير:(روى الإمام أحمد عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا؛ ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة» ورواه الترمذي، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه).
[كلمة أخيرة في سورة الحشر]
جاءت سورة الحشر بعد سورة المجادلة فكانت نموذجا للموضوع الرئيسي في سورة المجادلة، وهو استحقاق الذين يحادون الله ورسوله الكبت والذلة، إذ عرضت لنا ما أصاب بني النضير من خزي وإذلال بسبب مشاقتهم لله وللرسول، وقد ذكر الله عز وجل في هذه السورة موقف المنافقين وتوليهم للكافرين، وسنرى أن سورة الممتحنة ستأتي لتبدأ بالنهي عن تولي أعداء الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ... وهكذا تتعانق نهايات السور ببدايات ما بعدها بشكل عجيب، ولقد رأينا في السورة بعض ملامح الحكمة في توزيع آيات الأحكام على القرآن كله، فقد عرضت السورة التشريع الذي له علاقة بالفئ في سياق يستخرج التسليم المطلق من المؤمن، إذ وضعت هذه الأحكام في سياق التذكير بخصائص الإيثار واحتياجات المحتاجين، وفعل الله عز وجل، وغير ذلك مما رأيناه بحيث لا يسع الإنسان إلا أن يسلم بالفئ لأهله، وهكذا فعل الله عز وجل في كل ما أمر به