للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني، وفي هذه الآية ثلاث معجزات كما سنرى في الفوائد وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أي خلقنا من الماء كل حيوان، ويمكن أن تفهم الآية على أن فيها تشبيها تقديره: كأنما خلقنا كل شئ من الماء لفرط احتياجه إليه وحبه له، وقلة صبره عنه أَفَلا يُؤْمِنُونَ مع رؤيتهم هذا الذي يدل على وجود الله بشكل قطعي

وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أي جبالا أرسى الله الأرض بها وثقلها أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ أي لئلا تضطرب بكم وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلًا أي طرقا واسعة لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ بها إلى البلاد المقصودة

وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً أي بالشهب عن الشياطين وَهُمْ أي الكفار عَنْ آياتِها أي عن الأدلة التي فيها، كالشمس والقمر والنجوم وغير ذلك مُعْرِضُونَ أي غير متفكرين فيها فيؤمنون

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ نفسيهما أو المراد مكانهما وهو الأرض، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ أي كلهم أي الأرض والشمس والقمر، أو الليل والنهار والشمس والقمر فِي فَلَكٍ أي في سماء قال ابن عباس: الفلك هو السماء يَسْبَحُونَ سائرين.

[ملاحظة في السياق]

لاحظ قوله تعالى في هذه الآيات أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا .. وقوله تعالى أَفَلا يُؤْمِنُونَ وصلة ذلك بمحور السورة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ولاحظ قوله تعالى: وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ وصلة ذلك بقوله تعالى في أول السورة: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ولنا عودة على السياق

[نقل]

بمناسبة قوله تعالى أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً قال صاحب الظلال: (وتقريره أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقتا، مسألة جديرة بالتأمل تقدمت النظريات الفلكية في محاولة تفسير الظواهر الكونية، فحامت حول هذه الحقيقة التي أوردها القرآن الكريم منذ أكثر من ثلاث مائة وألف عام. فالنظرية القائمة اليوم هي أن المجموعات النجمية- كالمجموعة الشمسية المؤلفة من الشمس وتوابعها ومنها الأرض والقمر- كانت سديما. ثم انفصلت وأخذت أشكالها الكروية. وأن الأرض كانت قطعة من الشمس ثم انفصلت عنها وبردت.

<<  <  ج: ص:  >  >>