للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحزاب لا يعني أنّه ليس لسورة الأحزاب سياقها الخاص بها. فلسورة الأحزاب سياقها الخاص، وروحها الخاصة مع دلالتها على طريق التقوى، وهو موضوع سورة

النساء، ومع إبعادها عن طريق الضلال وهو موضوع سورة المائدة.

٥ - وهذه كلمة سريعة حول الصلة بين المقطع الأول والثاني من سورة الأحزاب: إن المقطع الأول أمر بالتقوى، وعدم طاعة الكافرين، وأمر باتباع الكتاب، وأمر بالتوكل على الله، وأمر بهدم قاعدة التبنّي، وذكّر بميثاق الله مع الرسل، ثمّ جاء المقطع الثاني وهو يبيّن فضل الله على المؤمنين في ساعات المحنة، وفي ذلك نوع تذكير أن على المؤمنين أن يطيعوا ويطمئنوا، فالله معهم إن كانوا صادقين.

ثم إن المقطع الأول انتهى بقوله تعالى: لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ويأتي المقطع الثاني ليبيّن علامة الصدق: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ والصلات بين المقطعين أوسع من ذلك، وستراها إن شاء الله تعالى.

وبعد هذه الملاحظات فلنبدأ التفسير:

...

[التفسير]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أي ما أنعم الله به عليكم يوم الأحزاب، وهو يوم الخندق، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة، على الصحيح المشهور إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ أي الأحزاب وهم: قريش، وغطفان، وقريظة، والنضير فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً أي الملائكة لَمْ تَرَوْها بعث الله عليهم صبا باردة في ليلة شاتية، فأمطرتهم وأسفّت التّراب في وجوههم، وقطعت الأطناب، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وماجت الخيل بعضها في بعض، وألقت الملائكة في قلوبهم الرعب والخوف، فكان أن هربوا وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً أي وكان بعملكم أيها المؤمنون من التحصّن بالخندق، والثبات على معاونة النبي صلّى الله عليه وسلم بصيرا.

ثمّ فصّل الله الحادثة فقال: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ أي من أعلى الوادي من قبل المشرق، وكان الآتون من هذه الجهة بني غطفان وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي من أسفل الوادي من قبل المغرب، وكان الآتون من قبل المغرب قريش،

<<  <  ج: ص:  >  >>