للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التفسير]

وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أي: وكثير من القرى عَتَتْ أي: عصت عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ أي: أعرضت عنه على وجه العتو والفساد، قال ابن كثير: أي:

تمردت وطغت واستكبرت عن اتباع أمر الله ومتابعة رسله فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً قال النسفي: بالاستقصاء والمناقشة وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً أي: منكرا فظيعا

فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها أي: غب مخالفتها، وندموا حيث لا ينفع الندم وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً أي: خسارا وهلاكا، قال النسفي: والمراد حساب الآخرة وعذابها، وما يذوقون فيها من الوبال، ويلقون من الخسر. أقول: الظاهر من كلام ابن كثير أنه حمل ما مر على عذاب الدنيا

أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً قال ابن كثير: أي: في الدار الآخرة، مع ما عجل لهم من العذاب في الدنيا، ثم قال تعالى بعد ما قص من خبر هؤلاء: فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ أي: يا أولي الأفهام المستقيمة الَّذِينَ آمَنُوا أي: صدقوا بالله ورسله، دل ذلك على أن المؤمن وحده هو ذو العقل والفهم، والمعنى: فاتقوا الله يا أيها المؤمنون أن تكونوا مثلهم؛ فيصيبكم ما أصابهم قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً يعني القرآن، فلا يليق بكم بعد أن أنزل الله إليكم هذا الذكر ألا تتقوه

رَسُولًا هل المراد بكلمة رسول هنا (محمد صلى الله عليه وسلم) فيكون التقدير: قد أنزل الله إليكم ذكرا، أرسل به رسولا، أو أن القرآن نفسه رسول من الله إليكم، قولان من مجموعة أقوال للمفسرين يَتْلُوا عَلَيْكُمْ أي: الرسول أو القرآن آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ موضحات فإن أريد بالتالي رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون الآيات البينات هي نفس القرآن، وإن أريد بالتالي القرآن يكون المراد بالآيات المبينات ما تحدث به القرآن عن آيات الله في الآفاق والأنفس، وما كان ويكون لِيُخْرِجَ الرسول أو القرآن بتلاوة الآيات الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أي: من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً في تنكير الرزق معنى التعجب والتعظيم لما رزق الله المؤمنين من الثواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>