لاحظ أنه في هذا القسم جاءت هذه الآية: ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ* إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ .. الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ... لاحظ التشابه بين آيتي سورة البقرة، وهذه الآيات فالقسم كله تفصيل لبعض ذلك المقام في سورة البقرة.
يتألف القسم من آيتين هما بمثابة المدخل للكلام عن القسم، ثم ثلاث فقرات:
الفقرة الأولى تبدأ بقوله تعالى إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ ....
الفقرة الثانية تبدأ بقوله تعالى وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ.
الفقرة الثالثة تبدأ بقوله تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ.
والفقرات الثلاث تقص الحق وهي تصحح. ولنبدأ عرض القسم.
الآيتان اللتان هما بمثابة «المدخل» إلى القسم الثاني
يخبر الله تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض. فاصطفى آدم عليه السلام: خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شئ. وأسكنه الجنة، ثم أهبطه منها لما له في ذلك من الحكمة. واصطفى نوحا عليه السلام، وأرسله إلى قومه لما عبدوا الأوثان، وأشركوا بالله، وانتقم له لما طالت مدته بين ظهراني قومه يدعوهم إلى الله ليلا ونهارا، سرا وجهارا، فلم يزدهم ذلك إلا فرارا، فدعا عليهم، فأغرقهم الله عن آخرهم، ولم ينج منهم إلا من اتبعه على دينه الذي بعثه الله ليدعو إليه. واصطفى آل إبراهيم: إسماعيل وإسحاق وذرياتهما، ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم، واصطفى آل عمران، والمراد بعمران هنا والد مريم بنت عمران أم عيسى، اصطفاهم على الناس أجمعين.
وآل عمران وآل إبراهيم ذرية واحدة، متسلسل بعضها من بعض، ولم يصطفها الله عبثا بل اصطفاها بعلمه فيها، وسمعه لأقوالها، وما في أنفسها.