ونلاحظ في سورة آل عمران، أنه كثيرا ما يعقب بعض الآيات آيات مبدوءة بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا .. أو إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ .. وفي نهاية هذه الفقرة نلاحظ ورود آيتين مبدوءتين بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ....
وفي القسم الأول من سورة آل عمران الذي يقابل في سورة البقرة الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ورد في المقطع الأول منه قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ وورد في المقطع الثاني منه إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ....
ثم لا نجد إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا .. ترد إلا فى نهاية هذه الآيات التي ذكرناها، فإنها ترد مرتين فلنتذكر الآن ما يلي: إن هذا القسم الذي بين أيدينا، يقابل في مقدمة سورة البقرة الآية وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ فإذ تتحدث آيات هذا القسم عن الإيمان فلا عجب أن يرد حديث عما يقابله.
[المعنى العام للآيات]
في الآية الأولى، يأمر الله- عزّ وجل- أفراد هذه الأمة بالأمر لرسولها، أن يؤمنوا بالله وبكل وحي أنزل، وبكل كتاب أنزل، وبكل نبي أرسل. فالمؤمنون من هذه الأمة يصدقون بما أنزل من عند الله، وبكل نبي بعثه الله، لا يفرقون بين أحد منهم وهم في هذا كله مسلمون لله.
- وفي الآية الثانية، يبين تعالى أنه لا يقبل إلا الإسلام دينا. هذا الإسلام الذي مظهره ما مر في الآيات السابقة. فمن سلك طريقا سوى ما شرعه الله تعالى فلن يقبل منه، وهو من الذين وقعوا في الخسران يوم القيامة.
- وبعد أن أمر الله أفراد هذه الأمة بالإيمان والإسلام، هدد من يرتد منهم بعد إيمانه ومعرفته الحجج والبراهين. إن هؤلاء على مقتضى العدل لا يستحقون هداية الله بعد ما تلبسوا به من العمى. وبين أن جزاء هؤلاء اللعنة من الله والملائكة والناس. وأنهم خالدون في هذه