الآباء، والمقام الأول في الأبناء وكل منهما أربعة أقسام فسبحان العليم القدير). إِنَّهُ عَلِيمٌ بكل شئ قَدِيرٌ على كل شئ. قال النسفي مبيّنا صلة هذه الآية بما قبلها:(لما ذكر إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدها أتبع ذلك أن له تعالى الملك، وأنه يقسم النعمة والبلاء كيف أراد، ويهب لعباده من الأولاد ما يشاء فيخص بعضا بالإناث وبعضا بالذكور، وبعضا بالصنفين جميعا، ويجعل البعض عقيما، والعقيم التي لا تلد، وكذلك رجل عقيم إذا كان لا يولد له، وقدم الإناث أولا على الذكور؛ لأن سياق الكلام أنه فاعل لما يشاؤه لا ما يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم، والأهم واجب التقديم، وليلي الجنس الذي كانت العرب تعدّه بلاء، ذكر البلاء، ولما أخّر الذكور- وهم أحقاء بالتقديم- تدارك تأخيرهم بتعريفهم لأن التعريف تنويه وتشهير، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير، وعرّف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لمقتضى آخر فقال: ذُكْراناً وَإِناثاً).
كلمة في السياق: [حول علاقة بدايتي المقطعين الأول والثاني بالآية (٥٠)]
وإذ ذكر الله- عزّ وجل- في بداية المقطع الأول، وفي أوائل المقطع الثاني أنّه أوحى إلى محمد- عليه الصلاة والسلام- والنبيّين من قبله، فإنه الآن يذكر أنواع الوحي كنهاية للمقطعين السابقين، وصلة وصل مع بداية المقطع الثاني المبدوء بقوله تعالى وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا فلنر الآية الأخيرة في المجموعة الثالثة وفي المقطع الثاني.
وَما كانَ لِبَشَرٍ أي: وما صحّ لأحد من البشر أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أي: إلهاما، ومن ذلك رؤيا المنام أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أي: يسمع كلاما من الله كما سمع موسى- عليه السلام- من غير أن يبصر السامع من يكلّمه، وليس المراد بالحجاب حجابا كالحجاب المعروف في حق الخلق، بل هو حجاب يحجب به السامع عن رؤية الله في الدنيا، ولا نخوض في شأنه، قال- عليه الصلاة والسلام-: «حجابه النّور» أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا أي: ملكا فَيُوحِيَ أي: الملك إلى الرسول أو النبي