لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها:«الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله، والله عزيز حكيم». ورواه النسائي من وجه آخر. وهذا إسناد حسن وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه، وحكمه أيضا، والله أعلم. أقول: إن حكم الرجم لم ينسخ وأقول: إن مثل هذا النوع من النسخ يشير إلى أن هناك حاجات محلية مؤقتة للمجتمع الإسلامي كان ينزل فيها قرآن حتى إذا أدى دوره نسخ).
[كلمة أخيرة في سورة الأحزاب]
١ - إن سورة الأحزاب فصّلت في الطريق العملي للتقوى، وحرّرت مما يتناقض معها، ومن ثمّ فإنّ على الدارس أن يخرج منها وهو أكثر فهما للتقوى وأكثر التزاما.
٢ - لاحظنا من قبل أن سورة المائدة فصّلت في محورها، وفي حيّز محور سورة النساء، ومن ثمّ جاءت سورة الأحزاب تفصّل في محوري سورتي النساء والمائدة، لأن كلّا من السورتين تكمّل الأخرى.
٣ - وردت في سورة الأحزاب توجيهات مباشرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعلى ورّاث النبوة أن يلاحظوا هذه التوجيهات، إلا ما هو خاص بشخص رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووردت توجيهات للمؤمنين في التأدّب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فعلى المؤمنين أن يلاحظوها مع ورّاث النبوة، ما لم يكن شئ خاص برسول الله صلّى الله عليه وسلم.
٤ - إن علينا أن نتذكّر بمناسبة هذه السورة المعنى العميق والعظيم والعجيب للوحدة القرآنية في إطار السورة الواحدة، أو في إطار القرآن كله. إنّ وحدة الموضوع عملية سهلة، ولكن أن توجد مثل هذه الوحدة في القرآن فذلك الذي يجل عن الإمكان البشري، إن الله عزّ وجل قد جعل في هذا الكون وحدة عجيبة، وترك للجهد البشري أن يضم أجزاء إلى بعضها؛ ليشكّل أنواعا من الوحدات بحسب احتياجاته، إلى ما لا يتناهى، وهكذا القرآن، إنك لتجد فيما بين آياته أنواعا من الوحدة، وفيما بين سوره أنواعا من الوحدة، وكل ذلك عجيب ومعجز، وترك للجهد البشري أن يضم أجزاء إلى بعضها بما يناسب احتياجات إنسان، أو احتياجات جيل، بما لا يتناهى، وهذا محل جهد العلماء، إن في السلوك، أو في الأخلاق، أو في العبادات، أو في المعاملات، أو في العقائد، أو في أصول الاستنباط،