للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل [صاحب الظلال]:

عند قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ قال صاحب الظلال:

(ولقد جمع الإمپراطور الروماني قسطنطين مجمعا من الأساقفة- وهو أحد المجامع الثلاثة الشهيرة- بلغ أعضاؤه ألفين ومائة وسبعين أسقفا، فاختلفوا في عيسى اختلافا شديدا، وقالت كل فرقة فيه قولا. قال بعضهم: هو الله هبط إلى الأرض فأحيا من أحيا وأمات من أمات ثم صعد إلى السماء. وقال بعضهم: هو ابن الله، وقال بعضهم: هو أحد الأقانيم الثلاثة: الأب والابن وروح القدس. وقال بعضهم: هو ثالث ثلاثة: الله إله وهو إله وأمه إله. وقال بعضهم: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته. وقالت فرق أخرى أقوالا. ولم يجتمع على مقالة واحدة أكثر من ثلاث مائة وثمانية اتفقوا على قول. فمال إليه الإمبراطور ونصر أصحابه وطرد الآخرين وشرّد المعارضين وبخاصة الموحّدين.

ولما كانت العقائد المنحرفة قد قررتها مجامع شهدتها جموع الأساقفة فإن السياق هنا ينذر الكافرين الذين ينحرفون عن الإيمان بوحدانية الله، وينذرهم بمشهد يوم عظيم تشهده جموع أكبر، وترى ما يحل بالكافرين المنحرفين: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ* أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ* وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

[فوائد]

١ - [مناقشة حول ما جاء في الأناجيل الأربعة المعتمدة عند نصارى اليوم عن مريم عليها السلام]

في مراجعة للأناجيل الأربعة المعتمدة عند نصارى اليوم يجد الإنسان أن هذه الأناجيل لا تصلح لأن تعتمد في تحقيق أي مسألة. وذلك لأنها كلها من مدرسة بولس، وليس فيها إنجيل واحد متلقى عن المسيح مباشرة. وكنا ذكرنا من قبل أن بولس قد ذكر في رسائله أنه اختلف مع بطرس حواريّ المسيح، ومع برنابا التلميذ المكمل للاثنى عشر.

ومن ذلك ندرك حاله وحال تلامذته واتجاهه، إذ يختلف فكرا وسلوكا مع الممثلين الحقيقيين للديانة المسيحية. ثم في هذه الأناجيل الأربعة ما يدل على أنها روايات لحياة المسيح، كما وصلت إلى أصحابها، ومن ثم لا تجدها تسير على نسق واحد، فليست هي إذن تسجيلا للوحي الذي أنزله الله على عيسى ثم هي مختلفة مع بعضها اختلافا كبيرا. خذ مثلا نسب يوسف النجار الذي يزعمون أنه زوج مريم عليها السلام. ففي إنجيل متى ما بين يوسف النجار وإبراهيم عليه السلام أربعون رجلا. وفي إنجيل لوقا ما بين يوسف النجار وبين إبراهيم (٥٤) رجلا. ثم تجد فارقا كبيرا بين رجال من النسبين حتى ليكاد الالتقاء يكون نادرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>