أن تكون كافرة أو مؤمنة، والحانث مخيّر بين واحدة من هذه الثلاث المذكورات. قال ابن كثير: فهذه خصال ثلاث في كفّارة اليمين أيها فعل الحانث أجزأ عنه بالإجماع، وقد بدأ بالأسهل. فالإطعام أسهل وأيسر من الكسوة، كما أن الكسوة أيسر من العتق فترقّى فيها من الأدنى إلى الأعلى، فإن لم يقدر المكلف على واحدة من هذه الخصال الثلاث كفّر بصوم ثلاثة أيّام: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ وعدم الوجود في اختيار ابن جرير هو أن لا يفضل عن قوته وقوت عياله في يومه ذلك ما يخرج به كفّارة اليمين، واختلف العلماء هل يجب في صيام الثلاثة أيام التتابع، أو يستحب ولا يجب ويجزئ التفريق؟ قولان للعلماء، أوجب الحنفية والحنابلة وهو قول للشافعي التتابع، ولم يوجب ذلك مالك ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ. أي: وحنثتم فترك ذكر الحنث لوقوع العلم بأنّ الكفّارة لا تجب بنفس الحلف. قال الحنفية: ولذا لم يجز التكفير قبل الحنث وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ بأن لا تحلفوا أصلا، أو بالبرّ بها إن لم يكن الحنث خيرا، أو بالتكفير عنها إن كان في الحنث خير كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ. أي: بمثل هذا البيان يوضّح الله لكم أعلام شريعته وأحكامه وذلك من تمام نعمته أن يكون البيان واضحا لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. أي: من أجل أن تتحققوا بمقام الشكر على نعمته فيما يعلّمكم، ويسهّل عليكم المخرج من كل ما يمكن أن يكون فيه حرج.
نقل:[عن صاحب الظلال حول قوله تعالى لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ .. ]
بمناسبة قوله تعالى لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ يقول صاحب الظلال:
«ما أحله الله فهو الطيب، وما حرمه فهو الخبيث. وأن ليس للإنسان أن يختار لنفسه غير ما اختاره الله له. من وجهين: الوجه الأول أن التحريم والتحليل من خصائص الله الرازق بما يجري فيه التحليل والتحريم من الرزق، وإلا فهو الاعتداء الذي لا يحبه الله، ولا يستقيم معه إيمان .. والوجه الثاني أن الله يحل الطيبات، فلا يحرم أحد على نفسه تلك الطيبات التي بها صلاحه وصلاح الحياة، فإن بصره بنفسه وبالحياة لن يبلغ علم الحكيم الخبير الذي أحل هذه الطيبات. ولو كان الله يعلم فيها شرا أو أذى لوقاه عباده.
ولو كان يعلم في الحرمان منها خيرا ما جعلها حلالا .. ولقد جاء هذا الدين ليحقق الخير والصلاح، والتوازن المطلق، والتناسق الكامل، بين طاقات الحياة البشرية جميعا، فهو لا يغفل حاجة من حاجات الفطرة البشرية؛ ولا يكبت كذلك طاقة بناءة من طاقات الإنسان، تعمل عملا سويا، ولا تخرج عن الجادة. ومن ثم حارب الرهبانية، لأنها