الْمُؤْمِنِينَ فالزواج بلا مهر خاص به عليه الصلاة والسلام، ولذلك فإن المهر واجب على غيره وإن لم يسمّه أو نفاه، قال ابن كثير في الآية:(أي ويحل لك أيها النبي المرأة المؤمنة إن وهبت نفسها لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك) قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ أي ما أوجبنا من المهور على أمتك في زوجاتهم، أو ما أوجبنا عليهم في أزواجهم من الحقوق. قال ابن كثير:(أي من حصرهم في أربع نسوة حرائر، وما شاءوا من الإماء واشتراط الولي والمهر والشهود عليهم وهم الأمة، وقد رخّصنا لك في ذلك فلم نوجب عليك شيئا منه) وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ بالشراء وغيره من وجوه الملك، أي قد علمنا ما فرضناه عليهم في أزواجهم وإمائهم، وخصّصناك بأحكام خاصة دون المؤمنين لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ أي ضيق وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً بالتوسعة على عباده. دلّت الآية على أن الحكمة في التوسعة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم في أمر الزواج هي نفي الحرج عنه بحكم أن مسئولياته واسعة، وعلاقاته الاجتماعية متشابكة، ومهمته صعبة، وليس غيره مثله في هذا كله
تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ أي تؤخر من تشاء من الواهبات وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ أي تضم أي وتمسك إليك من تشاء، من شئت قبلتها، ومن شئت رددتها وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ أي ومن رددتها فأنت فيها أيضا بالخيار بعد ذلك، إن شئت عدت فيها فآويتها فلا إثم عليك في ذلك. قال ابن كثير:
(وقال آخرون: بل المراد بقوله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ الآية. أي من أزواجك لا حرج عليك أن تترك القسم لهن فتقدم من شئت، وتؤخر من شئت، وتترك من شئت ... ومع هذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقسم لهن، ولهذا ذهب طائفة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم، إلى أنه لم يكن القسم واجبا عليه صلّى الله عليه وسلم، واحتجوا بهذه الآية ... ). واختار ابن جرير أن الآية عامة في الواهبات وفي النساء اللاتي عنده أنه مخيّر فيهنّ إن شاء قسم، وإن شاء لم يقسم. قال ابن كثير:(وهذا الذي اختاره حسن جيد قوي وفيه جمع بين الأحاديث) ذلِكَ أَدْنى أي أقرب أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ أي ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى قرّة أعينهنّ، وقلة حزنهنّ ورضاهنّ جميعا، لأنهنّ إذا علمن أنّ هذا التفويض من عند الله اطمأنّت نفوسهنّ، وذهب التغاير، وحصل الرضا، وقرّت العيون. قال ابن كثير: (أي إذا علمن أنّ الله تعالى قد وضع عنك الحرج في القسم فإن شئت قسمت وإن شئت لم تقسم، لا جناح عليك في أيّ ذلك فعلت ثم مع هذا أن تقسم لهن