« .. لذلك اشتملت جميع الأديان، والشرائع المعروفة في التاريخ على الصوم، وطالبت به جميع من كان يدين بها. فمن أقدم الديانات التي لا يزال عدد كبير من الناس يدين بها، الديانة الهندية البرهمية. ويحدث عنها الأستاذ T.M.P.Mahadevan رئيس قسم الفلسفة في جامعة مدارس الهند، وهو يشرح الصوم ومكانته في الشريعة الهندوكية، والمجتمع الهندي:
ومن الأعياد، والأيام المحتفل بها في السنة، ما خصصت للصوم الذي تقصد به تزكية النفس. إن كل طائفة من الطوائف الهندكية تخصص لنفسها أياما تقضيها في الدعاء والعبادة، ويصومها أكثر أفرادها كذلك. فيكفون عن الطعام، ويسهرون الليل كله، ويبيتون يتلون الكتب المقدسة، ويراقبون الله. ومن أعم هذا الصيام، وأكثرها انتشارا في الطوائف المختلفة (ويكنته إيكاوشى) الذي ينسب إلى (وشنو) فلا يصوم ذلك اليوم أتباع (وشنو) فحسب، بل يصومه أكثر الناس. فيصومون نهاره ويسهرون ليله.
ومن الأيام ما يصومها النساء فقط، ويدعون الإلهة (مظهر صفات الله النسوية) في مختلف مظاهرها. وتسمى هذه الأيام لأهميتها الخاصة ب (برت)، أو العهد. وقد خصصت لتزكية الروح. وغايتها تغذية الروح بالغذاء الروحاني.
ولا يزال البراهمة يصومون في اليوم الحادي عشر، من كل شهر هندي. وهكذا يبلغ عدد الأيام التي تصام عند البراهمة (٢٤) يوما في كل سنة، إذا حافظوا عليها وتقيدوا بها. وقد قامت الديانة الجينية في الهند بالتشدد في شرائط الصوم وأحكامه.
فأتباعها يواصلون أربعين يوما بالصوم.
... ويظهر الصوم عند المصريين القدماء بجوار أعيادهم الدينية. وكان صوم اليوم الثالث من شهر (تهسمو فيريا) اليوناني خاصا بالنساء عند اليونان. ولا تخلو الصحف المجوسية عن الأمر بالصوم، والحث عليه، ولو لطبقة خاصة. وتدل كلمة وردت في بعض كتبهم المقدسة على أن صوم خمسة أعوام كان فريضة على الرؤساء الدينيين.
[الصوم عند اليهود]
أما اليهود، فقد كان الصوم يعتبر رمزا للحداد والحزن عندهم في العهد البابلي.