ميتا كحرمته حيا. وذكر أبو حيان كراهة الرفع أيضا بحضرة العالم، وغير بعيد حرمته بقصد الإيذاء والاستهانة لمن يحرم إيذاؤه والاستهانة به مطلقا؛ لكن للحرمة مراتب متفاوتة كما لا يخفى).
٣ - [كلام ابن كثير عن أنواع القلوب بمناسبة آية أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ .. ]
بمناسبة قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى قال ابن كثير:(وقد روى الإمام أحمد في كتاب (الزهد) عن مجاهد قال: كتب إلى عمر:
يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي الله عنه: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) .. أقول وقد دلت الآية على أن القلوب تفتن، فمنها ما يسقط، ومنها ما ينجح، ويشهد لذلك الحديث الصحيح:«تعرض الفتن على القلوب عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه» رواه مسلم، وقد دلّت الآية على أن من علامات نجاح القلب أدب الإنسان مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وتعظيمه.
٤ - [كلام ابن كثير عن الذين نادوا النبي صلّى الله عليه وسلم من وراء الحجرات بمناسبة الآية (٤)]
في سبب نزول قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال ابن كثير: (وقد ذكر أنها نزلت في الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه فيما أورده غير واحد، روى الإمام أحمد عن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أنه نادى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، يا محمد، وفي رواية يا رسول الله، فلم يجبه، فقال: يا رسول الله إن حمدي لزين وإن ذمي لشين، فقال:«ذاك الله عزّ وجل» وروى ابن جرير عن البراء في قوله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ قال: جاء رجل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن حمدي زين وذمي شين، فقال صلّى الله عليه وسلم:«ذاك الله عزّ وجل» وهكذا ذكره الحسن البصري وقتادة مرسلا. وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة قال: كان بشر بن غالب ولبيد بن عطارد أو بشر بن عطارد ولبيد بن غالب وهما عند الحجاج جالسان فقال بشر بن غالب للبيد بن عطارد نزلت في قومك بني تميم إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ قال: فذكرت ذلك لسعيد ابن جبير فقال: أما إنه لو علم بآخر الآية أجابه يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قالوا أسلمنا ولم يقاتلك بنو أسد، وروى ابن أبي