مثلا إلا كما قال أبو يوسف «فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون» قالت: ثم تحولت فاضجعت على فراشي، قالت: وأنا والله أعلم حينئذ أني بريئة، وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت فو الله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتى أنزل الله تعالى على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، وهو في يوم شات، من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال:«أبشري يا عائشة أما الله فقد برأك» قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عزّ وجل؛ هو الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عزّ وجل إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ العشر الآيات كلها، فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر رضي الله عنه- وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله تعالى وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى إلى قوله أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال والله لا أنزعها منه أبدا. قالت عائشة: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري فقال «يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟» فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك، قال ابن شهاب: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط. أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما) ثم ذكر ابن كثير روايات أخرى فليراجعها من شاء.
[التفسير]
إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ أي الكذب والبهت والافتراء، بل الإفك أبلغ ما يكون من الكذب والافتراء، وأصله الأفك: وهو القلب، لأنه قول مأفوك عن وجهه، والمراد ما أفك به على عائشة رضي الله عنها عُصْبَةٌ أي جماعة منكم إذ العصبة: هي الجماعة من العشرة إلى الأربعين، وهم عبد الله بن أبي رأس المنافقين،