وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أي نخرج منه النهار إخراجا لا يبقى معه شئ من ضوء النهار، أو ننزع عنه الضوء نزع القميص الأبيض فيعرى، أو نصرفه منه فيذهب فيقبل الليل فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ أي داخلون في الظلام.
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها أي وآية لهم الشمس تسير لمستقر لها. قال الألوسي:(أي لحد معيّن تنتهي إليه من فلكها في آخر السّنة) وقال النسفي: (أو لانتهاء أمرها عند انقضاء الدنيا) ذلِكَ أي الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ أي الغالب بقدرته على كل مقدور الْعَلِيمِ بكل معلوم فهو الذي قدّر ذلك ووقّته على منوال لا اختلاف فيه ولا تعاكس
وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ قال ابن كثير:
(أي جعلناه يسير سيرا آخر يستدل به على مضي الشهور، كما أنّ الشمس يعرف بها الليل والنهار). وتعرف بها السنة الشمسية. والمعنى: والقمر قدّرنا نوره منازل فيزيد وينقص، أو قدّرنا مسيره منازل. قال النسفي:(وهي ثمانية وعشرون منزلا ينزل القمر كل ليلة في واحد منها، لا يتخطاه، ولا يتقاصر عنه، على تقدير مستو يسير فيها من ليلة المستهل، إلى الثامنة والعشرين، ثم يستتر ليلتين، أو ليلة إذا نقص الشهر حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ أي فإذا كان آخر منازل القمر دقّ واستقوس حتى عاد كقضيب النّخل إذا يبس واعوجّ وتقادم. قال النسفي: (إذا قدم دق وانحنى واصفر، فشبّه القمر به من ثلاثة أوجه)
لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ قال النسفي:(أي لا يتسهل لها ولا يصح ولا يستقيم أن تدرك القمر فتجتمع معه في وقت واحد وتداخله في سلطانه فتطمس نوره. لأن لكل واحد من النيّرين سلطانا على حياله؛ فسلطان الشمس بالنهار، وسلطان القمر بالليل) قال قتادة في الآية: يعني أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ قال الضحاك: لا يذهب الليل من هاهنا حتى يجئ النهار من هاهنا. وقال مجاهد:
يطلبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر. قال ابن كثير:(والمعنى في هذا: أنه لا فترة بين الليل والنهار، بل كل منهما يعقب الآخر بلا مهلة، ولا تراخ؛ لأنهما مسخّران دائبان، يتطالبان طلبا حثيثا) وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ قال ابن كثير: (يعني الليل والنهار، والشمس والقمر، كلهم يسبحون أي يدورون في فلك السماء، قاله ابن عباس وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة وعطاء الخراساني). وقال النسفي في يَسْبَحُونَ أي يسيرون.