٣ - وقد ورد في ذم التمادح والتزكية أحاديث، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس مما يشير إلى أن المدح تعتوره أحكام متعددة على حسب الأحوال والأشخاص، فمما ورد في ذم التمادح والتزكية، ما ورد في صحيح مسلم عن المقداد بن الأسود قال:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب». وفي الصحيحين عن أبي بكرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يثني على رجل فقال: ويحك قطعت عنق صاحبك، ثم قال: إن كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل أحسبه كذا ولا يزكي على الله أحدا». وروى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإن هذا المال حلو خضر، فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه، وإياكم والتمادح فإنه الذبح». وقال ابن مسعود:«إن الرجل ليغدو بدينه، ثم يرجع وما معه منه شئ، يلقى الرجل ليس يملك له ضرا ولا نفعا فيقول له: إنك والله كيت وكيت، فلعله أن يرجع، ولم يحظ من حاجته بشيء وقد أسخط الله، ثم قرأ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ... الآية.
٤ - روى الإمام أحمد عن قبيصة بن مخارق أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت» قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط فى الأرض، والجبت قال الحسن: الشيطان، وقال الإمام مالك في تفسير الجبت: هو كل ما يعبد من دون الله- عزّ وجل- أقول: كانوا يزجرون الطير ليبنوا على خطوط سيرها هل يقدمون على عمل أو لا، وكانوا يخطون بالرمل ليستخرجوا الغيب، فكل ذلك مع التطير من الجبت.
بعد أن ذكر الله- عزّ وجل- فى الآيات السابقة كفر أهل الكتاب، وأنه لا يغفر شرك من أشرك به، يبين في آيتين من هذه الآيات الثلاث التي هي خاتمة هذا المقطع جزاء الكافرين والمؤمنين، ثم يصدر للمؤمنين أمرين، لا يكون المؤمن تقيا إلا بهما.