وهكذا فإن سورة الحجر مقدمة للسور الأربع التي تفصّل الآيات الداخلة في حيز هذه الآية وهذا شئ ليس لنا عليه دليل إلا المعاني.
بين يدي السور الأربع التالية: [(النحل، الإسراء، الكهف، ومريم)]
مرّ معنا من قبل أن كلّ سورة تأتي بعد سورة البقرة لها محورها من سورة البقرة، وأن السورة تفصّل في محورها وفي امتدادات معاني هذا المحور من سورة البقرة، وقد رأينا نماذج كثيرة على ذلك، وقد آن الأوان أن نذكر جديدا في موضوع الوحدة القرآنية.
...........
إنك تجد آية من آيات سورة البقرة قد أتت محورا لسورة من السور، كآية اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ... فهذه الآية كما رأينا جاءت محورا لسورة إبراهيم عليه السلام، ولو أنك رجعت إلى هذه الآية في سورة البقرة لوجدتها آتية في سياق قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ .. لقد رأينا أثناء عرضنا لسورة البقرة أن المقطع الثاني من القسم الثالث يبدأ بهذه الآية وقد جاء في سياقها قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ فهذه الآية تخدم سياق مقطعها وقسمها، فهي آتية في حيز معيّن، والملاحظ أن الآية الآتية في حيز ما، عند ما تأتي كمحور لسورة، فإن السورة في هذه الحالة تفصّل بما يخدم تفصيل المحور مراعى في ذلك محل هذا المحور في سياقه، لاحظ كمثال على ذلك أن سورة إبراهيم قد ورد فيها قوله تعالى: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ.
لاحظ صلة ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ.
فسورة إبراهيم تفصّل محورها الآتي في حيّز قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ ....
يبدأ القسم الثالث من أقسام سورة البقرة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا