وعقله. وإرسال الله له الرسل، وهو يحاسب على هذا الاختيار. وهذا الكلام في مثل هذا المقام يكفي. ومن أوسع أبواب الضلال، قياس شأن الخالق، على حال المخلوق والحمد لله رب العالمين.
[كلمة في الفقرة والمقطع]
كنا ذكرنا من قبل أن القسم الثالث في سورة البقرة يتألف من مقطعين. وقد انتهى معنا عرض المقطع الأول، وقد رأينا أن المقطع الأول يتألف من أربع فقرات، ورأينا أن التكليف التفصيلي الأول فيه كان في شأن القتال، وكان في آخر آية في المقطع ذكر لسبب من أسباب القتال. فاجتمع في المقطع في بدايته، ووسطه، ونهايته كلام عن القتال، وأسبابه، وبعض أحكامه.
وقد حدثنا المقطع بعد مقدمته الواعظة عن أحكام كثيرة، ونبهنا إلى أشياء كثيرة.
وكلها جاءت في سياق الأمر بالدخول في الإسلام كله، والنهي عن اتباع خطوات الشيطان.
فعرفنا أحكاما في شأن الخمر، والميسر، واليتامى، والإنفاق، والزواج، والحياة الزوجية، والإيمان، والإيلاء، والطلاق، والخلع، وواجبات الزوجة المتوفى عنها زوجها، ووجوب المحافظة على الصلوات الخمس، والصلاة حال القتال. وعرفنا أن الطريق للخروج من الضياع، والقهر، والغلبة هو الإمرة المؤمنة ذات الخصائص المناسبة، والقتال. وكما أن للقتال محله في إقامة الإسلام، فإن للإنفاق محله في هذا الشأن. ولذلك رأينا ذكرا للإنفاق في مقدمة السورة، وذكرا له في المقطع الأول من القسم الثاني. وكذلك في المقطع الثالث. ورأينا ذكرا له في المقطع الأول من القسم الثالث ورأينا تلازم الحديث عن القتال مع الحديث عن الإنفاق في كثير من المواطن، فاتضح لنا محل الإنفاق في التقوى، ومحله في إقامة الإسلام كله. وهذا يقتضي تفصيلا في شأنه. ومن ثم فإن الفقرة الأولى في المقطع الثاني من هذا القسم كانت حديثا عن الإنفاق في سبيل الله وحديثا عن مرتكزاته من إيمان بالله، واليوم الآخر.
إن المقطع القادم، وهو المقطع الثاني من القسم الثالث يتحدث عن قضايا مالية في فقرات ثلاث. والفقرة الأولى منه في الإنفاق بعد أن قدمت السورة لذلك بأن عرفتنا على محل الإنفاق في دين الله. إن في قضية التقوى، أو في قضية إقامة الإسلام كله وترك اتباع خطوات الشيطان. فإلى المقطع الثاني من القسم الثالث.