الصلاة لتذكرني فيها، لاشتمال الصلاة على الأذكار، وهذا دليل على أنه لا فريضة بعد التوحيد أعظم منها، وقد دل هذا الخطاب على أن معرفة الله هي البداية، وأن الصلاة هي التي يثنى بها، وكل بداية غير هذه البداية، أو ما يؤدي إليها، ليست من التربية الإسلامية في شئ، فليلاحظ المربون ذلك
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أي قائمة لا محالة، وكائنة لا بد منها أَكادُ أُخْفِيها أي أكاد أسترها عن العباد، لولا ما في الإخبار بإتيانها مع تعمية وقتها من الحكمة، وهو أنهم إذا لم يعلموا متى تقوم كانوا على وجل منها في كل وقت، أي لولا ما في الإخبار بها من الحكمة لما أخبرت به، وفي الآية اتجاهات أخرى نراها في الفوائد لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى أي أقمتها لا محالة لأجزي كل نفس بسعيها من خير أو شر، أخبر بالساعة وحكمة إقامتها بعد الأمر بالعبادة والصلاة ليعلم أن الإنسان مجازى، ومكافأ على عمله، وفي ذلك تأديب لنا أن نعرف بالجزاء على العمل والمكافأة عليه،
ثم قال تعالى: فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها أي فلا يصرفنك عنها، أي عن العمل للساعة مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها أي من لا يصدق بها وَاتَّبَعَ هَواهُ أي واتبع شهواته في مخالفة أمر مولاه فَتَرْدى أي فتهلك وتعطب. قال ابن كثير:
(المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين، أي لا تتبعوا سبيل من كذب بالساعة، وأقبل على ملاذه في دنياه، وعصى مولاه؛ فاتبع هواه، فمن وافقهم على ذلك فقد خاب وخسر).
وقال النسفي:(فالخطاب لموسى والمراد به أمته، وقد دلت الآية على أن الهلاك يكمن في الكفر بالآخرة، وأن اتباع الهوى مرادف للتكذيب بها، فلا شئ يطهر من الهوى ويبعد عن الهلاك إلا الإيمان باليوم الآخر).
[فائدة]
بمناسبة قوله تعالى: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها .. يقول صاحب الظلال:
(فأما الساعة فهي الموعد المرتقب للجزاء الكامل العادل، الذي تتوجه إليه النفوس فتحسب حسابه، وتسير في الطريق وهي تراقب وتحاسب وتخشى الانزلاق .. والله سبحانه يؤكد مجيئها: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ وأنه يكاد يخفيها. فعلم الناس بها قليل لا يتجاوز ما يطلعهم عليه من أمرها بقدر ما يحقق حكمته من معرفتهم ومن جهلهم ..