الرشد وآيات الله وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها الوعظ أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ في عدم الفقه والنظر للاعتبار والاستماع للتفكر بَلْ هُمْ أَضَلُّ أي من الأنعام لأنهم كابروا العقول، وعاندوا الرسول، وارتكبوا الفضول، فالأنعام تطلب منافعها وتهرب عن مضارها، وهم لا يعلمون مضارهم حيث اختاروا النار. قال النسفي: كيف يستوي المكلف المأمور والمخلى المعذور، فالآدمي روحاني شهواني، سماوي أرضي، فإن غلب روحه هواه فاق ملائكة السموات. وإن غلب هواه روحه فاقته بهائم الأرض أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ أي الكاملون في الغفلة عن الله وآياته وشريعته، وعما أعد لأهل طاعته ومعصيته وفي هذا السياق- سياق الكلام عن خلق الكافرين للنار والكلام عن غفلة هؤلاء- يذكرنا الله عزّ وجل بأسمائه
وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى أي التي هي أحسن الأسماء لأنها تدل على معان حسنة فَادْعُوهُ بِها أي فسموه بتلك الأسماء وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ أي واتركوا الذين يكذبون في أسمائه سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ هذا تهديد لهم على إلحادهم وفي مقابلة من خلق لجهنم
وَمِمَّنْ خَلَقْنا أي للجنة فكما خلق للنار أهلها فقد خلق للجنة أهلها أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ أي يدعون إليه وَبِهِ يَعْدِلُونَ أي وبالحق يحكمون فيعدلون في أحكامهم، ولا شك أنه يدخل في هؤلاء العلماء العاملون، والدعاة المخلصون. قال النسفي: وفيه دلالة على أن إجماع كل عصر حجة.
وبمناسبة هذه الآيتين التاليتين يقول صاحب الظلال:
(وما كانت البشرية لتستحق التكريم لو لم تكن فيها دائما- وفي أحلك الظروف- تلك الجماعة التي يسميها الله «أمة» بالمصطلح الإسلامي للأمة ... فهذه الأمة الثابتة على الحق، العاملة به في كل حين، هي الحارسة لأمانة الله في الأرض، الشاهدة بعهده على الناس، التي تقوم بها حجة الله على الضالين المتنكرين لعهده في كل جيل.
ونقف لحظة أمام صفة هذه الأمة: يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ..
إن صفة هذه الأمة التي لا ينقطع وجودها من الأرض- أيا كان عددها- أنهم يَهْدُونَ بِالْحَقِّ فهم دعاة إلى الحق لا يسكتون عن الدعوة به وإليه، ولا يتقوقعون على أنفسهم، ولا ينزوون بالحق الذي يعرفونه، ولكنهم يهدون به غيرهم، من الضالين عن هذا الحق، المتنكرين لذلك العهد، ولهم عمل إيجابي لا يقتصر على معرفة الحق إنما