للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي سلّطنا عليكم عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أي أشداء في القتال فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ أي ترددوا للغارة فيها، قال الزجاج: الجواس: طلب الشئ بالاستقصاء وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا أي وكان وعد العقاب وعدا لا بد أن يفعل

ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ أي جعلنا لكم الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليكم وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً النفير: الذين ينفرون للقتال إذ استنفروا

إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها يعني أن الإحسان والإساءة كلاهما مختص بأنفسكم لا يتعدى النفع والضرر إلى ربكم فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ أي وعد الكرة الآخرة أي إذا أفسدتم الإفسادة الثانية وجاء وعد عقابها لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ أي بعثنا هؤلاء ليسوءوا وجوهكم أي ليجعلوها بادية المساءة والكآبة فيها، أي يهينوكم ويقهروكم وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ أي بيت المقدس كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي في التي جاسوا فيها خلال الديار وَلِيُتَبِّرُوا أي وليهلكوا ويدمّروا ويخرّبوا ما عَلَوْا أي ما ظهروا عليه، أو مدة علوهم تَتْبِيراً أي تدميرا وإهلاكا

عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ بعد المرة الثانية وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا أي وإن عدتم إلى الإفساد والعلو عدنا إلى عقوبتكم وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً أي سجنا لا محيد لهم عنه به يستقرّون ويحصرون.

ملاحظة: [حول الخلاف بين المفسرين في تفسير آيات هذه المجموعة وسببه]

هذه الآيات مما كثر فيه الخلاف بين المفسرين، ولا يكثر الخلاف إلا إذا كان لذلك مبرراته، فما هما هاتان الإفسادتان ومتى كانتا؟ ومن هم الأقوام الذين يسلّطون على بني إسرائيل مرة بعد مرة؟ وهل المراد بالكتاب التوراة أو القرآن أو اللوح المحفوظ؟

وهل المرتان حدثتا أو أنهما ستحدثان بعد نزول القرآن أو أن واحدة حدثت من قبل، والثانية في طريقها؟ وهل للأقوام المسلّطين صلة عداء أو ولاء للمسجد الأقصى حتى ذكروا به وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ هذه كلها تحتاج إلى أجوبة دقيقة، ومن ثم وقع الخلاف. قال ابن كثير:

(وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلّطين عليهم من هم؟ فعن ابن عباس وقتادة: أنه جالوت الجزري وجنوده، سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد

ذلك. وقتل داود جالوت ولهذا قال: ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ الآية. وعن سعيد بن جبير: أنه ملك الموصل سنحاريب وجنوده، وعنه أيضا وعن غيره أنه بختنصر

<<  <  ج: ص:  >  >>