للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنجد أنفسنا أمام قوله تعالى: أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ* وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فلا بالقرآن عملتم، ولا بحق الرزق عليكم قمتم، فاجتمع لكم تكذيبان وكفران، وذلك كله يؤكد أن السورة تفصل في محورها ضمن سياقه: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وهذا مظهر واضح لما ذكرناه من أن السور التي تفصل في محور من سورة البقرة، تفصل في هذا المحور وارتباطاته وامتدادات معانيه. ولنتابع عرض المجموعة الثالثة.

...

فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ النفس- أي: الروح- عند الموت الْحُلْقُومَ أي:

ممر الطعام والشراب. قال ابن كثير: أي الحلق وذلك حين الاحتضار

وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ أي: إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت

وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ قال ابن كثير: أي بملائكتنا وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ قال ابن كثير: أي ولكن لا ترونهم

فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ قال النسفي: أي مربوبين، وقال ابن عباس: أي محاسبين

تَرْجِعُونَها أي: تردون النفس- وهي الروح- إلى الجسد بعد بلوغ الحلقوم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنكم غير مربوبين، وغير مقهورين محاسبين. قال النسفي: والمعنى: (إنكم في جحودكم آيات الله في كل شئ، إن أنزل عليكم كتابا معجزا قلتم سحر وافتراء، وإن أرسل إليكم رسولا صادقا قلتم ساحر كذاب، وإن رزقكم مطرا يحييكم به قلتم صدق نوء كذا، على مذهب يؤدي إلى الإهمال والتعطيل، فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن بعد بلوغه الحلقوم، إن لم يكن ثمة قابض، وكنتم صادقين في تعطيلكم وكفركم بالمحيي المميت المبدئ المعيد).

[كلمة في السياق]

قلنا: إن محور السورة هو: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقد تحدثت المجموعة الأولى في السورة عن الرجوع، وتحدثت المجموعة الثانية عن الإحياء الأول، وها نحن نرى المجموعة الثالثة تتحدث عن الموت، ولذلك صلته بقوله تعالى: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ* ثم إن المجموعة تنقلنا مرة ثانية إلى الرجوع: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>