يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى أي: من آدم وحواء. قال النسفي:
فلا معنى للتفاخر والتفاضل في النسب وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ الشعب: أعم من القبيلة، والقبيلة: أعم من الفصيلة والعشيرة كما سنرى لِتَعارَفُوا قال النسفي:
أي إنما رتّبكم على شعوب وقبائل ليعرف بعضكم نسب بعض، فلا يعتزى إلى غير آبائه، لا أن تتفاخروا بالآباء والأجداد، وتدّعوا التفاضل في الأنساب، قال الألوسي:
أي جعلناكم كذلك ليعرف بعضكم بعضا، فتصلوا الأرحام، وتبينوا الأنساب والتوارث، لا لتفاخروا بالآباء والقبائل ... وقال ابن جني (أي لتعرفوا ما أنتم محتاجون إليه) ثم بين الله تعالى الخصلة التي يفضل بها الإنسان غيره، ويكتسب الشرف والكرم عند الله فقال إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ قال ابن كثير: أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب وقال: يقول تعالى مخبرا للناس أنّه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوبا وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك، وقيل:
المراد بالشعوب بطون العجم، وبالقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل ... فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهم السلام سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة الله، ومتابعة رسوله صلّى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضا منبها على تساويهم في البشرية:
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ أي: بكرم القلوب وتقواها خَبِيرٌ بهمّ النفوس في هواها قال ابن كثير: أي عليم بكم خبير بأموركم فيهدي من يشاء، ويضل من يشاء، ويرحم من يشاء، ويعذب من يشاء، ويفضّل من يشاء على من يشاء وهو الحكيم العليم الخبير في ذلك كله.
[نقل عن صاحب الظلال حول الآية:]
قال صاحب الظلال في عرضه لهذه الآية: (يا أيها الناس. يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا، المتفرقون شعوبا وقبائل. إنكم من أصل واحد. فلا تختلفوا ولا تفرقوا ولا