أوجب، ودليل ذلك قوله تعالى لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية أشد توبيخا من هذه الآية:
لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ... وإنّما قال ابن عباس ذلك لأنه أنزل تارك النهي عن المنكر منزلة مرتكب المنكر في الوعيد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر قال: خطب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم بركوبهم المعاصي، ولم ينههم الرّبانيون والأحبار. فلمّا تمادوا في المعاصي أخذتهم العقوبات، فمروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن ينزل بكم مثل الذي نزل بهم، واعلموا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقطع رزقا ولا يقرّب أجلا.
وأخرج الإمام أحمد .... عن المنذر بن جرير عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«وما من قوم يكون بين أظهرهم من يعمل بالمعاصي، هم أعزّ منه وأمنع ولم يغيّروا، إلا أصابهم الله منه بعذاب» ورواه أبو داود عن جرير قال: «سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:
ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون أن يغيّروا عليه فلم يغيّروا إلا أصابهم الله قبل أن يموتوا».
وقال الحافظ المزي:«وهكذا رواه شعبة عن أبي إسحاق به» أقول: المهمّ أن يمارس المسلم عملية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، ولو بشكل بسيط وسينقله هذا إلى أن يكون ذلك خلقا له.
٢ - [ثبوت الأذان بدليل من القرآن]
وفي قوله تعالى: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ... يقول النسفي: وفيه دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده. ويذكر ابن كثير نموذجا على موقف أهل الشرك من الأذان وفيه معجزة. قال: «وذكر محمد بن إسحاق بن يسار في السيرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل الكعبة عام الفتح، ومعه بلال، فأمره أن يؤذّن، وأبو سفيان ابن حرب، وعتّاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتّاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه، وقال الحارث ابن هشام: أما والله لو أعلم أنّه محق لاتّبعته، فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا، لو