من حيوانيته حتى لا يوصم اليهود وحدهم بأنهم هم الذين يتجردون من كل القيم غير المادية، وتريد أن تغرق البشرية كلها في وحل المستنقع كي تنحصر فيه كل
اهتماماتها، وتستغرق فيه كل طاقاتها؛ فهذه أضمن سبيل لتدمير البشرية حتى تجثو على ركبتيها خاضعة لملك صهيون المرتقب الملعون. ثم تتخذ من الفن وسيلة إلى هذا الشر كله، إلى جانب ما تتخذه من نشر المذاهب «العلمية» المؤدية إلى ذات الهدف. تارة باسم «الداروينية» وتارة باسم «الفرويدية» وتارة باسم «الماركسية» أو «الاشتراكية العلمية» وكلها سواء في تحقيق المخططات الصهيونية الرهيبة.
والقصة بعد ذلك تتجاوز الشخصيات والأحداث لترسم ظلال الفترة التاريخية التي تجري فيها أحداث القصة، وتتحرك فيها شخصياتها الكثيرة، وتسجل سماتها العامة، فترسم مسرح الأحداث بأبعاده العالمية في تلك الفترة التاريخية. ونكتفي ببعض اللمحات والسهام التي ترسم تلك الأبعاد:
إن مصر في هذه الفترة لم يكن يحكمها الفراعنة من الأسر المصرية؛ إنما كان يحكمها «الرعاة» الذين عاش إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام قريبا منهم، فعرفوا شيئا عن دين الله منهم: نأخذ هذا من ذكر القرآن للملك بلقب «الملك» في حين يسمى الملك الذي جاء على عهد موسى- عليه السلام- من بعده بلقبه المعروف «فرعون» ومن هذا يتحدد زمن وجود يوسف- عليه السلام- في مصر. فهو كان ما بين عهد الأسرة الثالثة عشرة والأسرة السابعة عشرة، وهي أسر «الرعاة» الذين سماهم المصريون «الهكسوس» كراهية لهم، إذ يقال: إن معنى الكلمة في اللغة المصرية القديمة: «الخنازير» أو «رعاة الخنازير» وهي فترة تستغرق نحو قرن ونصف قرن.
إن رسالة يوسف عليه السلام كانت في هذه الفترة. وهو كان قد بدأ الدعوة إلى الإسلام .. ديانة التوحيد الخالص .. وهو في السجن وقرر أنها دين آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وقررها في صورة واضحة كاملة دقيقة شاملة) اهـ.
[كلمة في السياق]
عند ما تقرأ قصة يوسف- عليه السلام في القرآن، وتقرؤها في التوراة الحالية المحرفة، تجد نفسك أمام كلام في القرآن هو القمة في البلاغة والعذوبة، وتجد كلاما تدلك معانيه على أنه كلام الله من خلال ما يعطيك من عبر ومن عظات ومن دروس