للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يعملون بالمعاصي، وفيهم رجل أعز منهم وأمنع، لا يغيره، إلا عمهم الله بعقاب، أو أصابهم العقاب». رواه أبو داود أيضا. وروى الإمام أحمد أيضا .. عن عبيد الله بن جرير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر فمن يعملون، ثم لم يغيروه، إلا عمهم الله بعقاب». وأخرجه ابن ماجه أيضا.

ولنلاحظ أن الحديث الأخير جعل استحقاق العذاب للجميع إذا وجدت القدرة في العزة والكثرة عند أهل الخير ثم لا يمنعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا شك أنه في كل زمان ومكان إذا كان بالإمكان أن يجتمع أهل الحق على حقهم، ويتغلبوا على الباطل وأهله فعليهم أن يفعلوا. ولننتقل إلى التوجيه الرابع:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ بترك الطاعة وارتكاب المعصية وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ بإفشاء أسرار المؤمنين للكافرين والمنافقين. قال السدي في هذه الآية: كانوا يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم الحديث فيفشونه حتى يبلغ المشركين أي: فهذه خيانة فلا ترتكبوها، وهذه قضية مهمة جدا في موضوع القتال. فمن

المعروف أن العدو يستفيد من أي كلمة تقال، فعلى المسلم أن يعتبر كل أسرار المؤمنين، ودولتهم، وجماعتهم أمانة عنده، فلا يفشيها، ولا ينقلها، ولا يحدث بها وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي تبعة ذلك الإفشاء ووباله، أو وأنتم تعلمون أنكم تخونون، يعني: أن الخيانة توجد منكم عن تعمد لا عن سهو، أو وأنتم علماء تعلمون حسن الحسن، وقبح القبيح، والخيانة لله والرسول، وخيانة الأمانة، كل ذلك قبيح تعرفونه

وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ أي سبب الوقوع في الفتنة: وهي الإثم والعذاب، أو محنة من الله ليبلوكم كيف تحافظون فيهم على حدوده، فاعلموا هذا حتى لا يستجركم مال، أو ولد، إلى خيانة لله والرسول، والأمانة وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ أي اعلموا ذلك من أجل أن تحرصوا على طلب ذلك، وتزهدوا في الدنيا، ولا تحرصوا على جمع المال، وحب الولد، فيخرجكم ذلكم عن الأمانة إلى الخيانة. فإن ثواب الله وعطاءه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد، فإنه قد يوجد منهم عدو وأكثرهم لا يغني عنكم من الله شيئا ..

[فوائد]

١ - لاحظنا أن هذا التوجيه الذي هو التوجيه الرابع في سياقه ينصب على قضية رئيسية

<<  <  ج: ص:  >  >>