١ - إن أمر الصفا والمروة كان من المتردد فيه- كما سنرى في أسباب النزول- هل هو من الذكر والشكر اللذين أمر الله بهما قبل هذا المقطع في مقابل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم،؟ أو هو من الكفر الذي نهى الله عنه؟ ومن ثم- والله أعلم- جاء البت فيه في هذا السياق على أنه من الشكر ومن شعائر الله وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ.
٢ - في سياق مقطع إبراهيم ورد كلام عن البيت، وورد دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وَأَرِنا مَناسِكَنا.
ثم جاء مقطع القبلة وانصب الكلام فيه عن البيت. وفي معرض التوجيهات الكبرى التي جاءت في نهاية القسم: ذكر الله عزّ وجل شعيرة السعي بين الصفا والمروة حتى لا يفهم فاهم أنه ليس من الشعائر إلا تعظيم البيت. فهناك شعيرة أخرى في الحرم نفسه وهي شعيرة السعي بين الصفا والمروة.
٣ - وفي محل هذه الآية في السياق حكمة تظهر من خلال عرض بعض المعاني فيعرف بذلك لماذا جاءت بعد مجموعة الصبر؟ فلنر ذلك:
بين الله عزّ وجل في هذه الآية أن السعي بين الصفا والمروة من شعائر الله. أي مما شرع الله تعالى لإبراهيم في مناسك الحج. وأصل ذلك مأخوذ من ترداد أمنا هاجر بين الصفا والمروة في طلب الماء لابنها إسماعيل لما نفد ماؤهما وزادهما حين تركهما إبراهيم عليه السلام هناك وليس عندهما أحد من الناس. فلما خافت على ولدها الضيعة هناك ونفد ما عندهما قامت تطلب الغوث من الله عزّ وجل حتى كشف الله كربتها وآنس غربتها وفرج شدتها، وأنبع لها زمزم التي ماؤها طعام طعم وشفاء سقم. وأكرمها الله عزّ وجل وأكرم آل إبراهيم بأن جعل فعلها هذا شعيرة من شعائره إلى يوم القيامة.
تتذكر فيه هذه الأمة ارتباطها بإبراهيم وآله، وتقتدي بفعله وفعل آله، وتتذكر فيه هذه الأمة عاقبة التسليم لأمر الله وطاعته مجيء الفرج بعد الشدة، وتتذكر فيه هذه الأمة تلك اللحظات الصعاب التى مرت بها أمنا هاجر أثرا عن طاعتها وطاعة إبراهيم لله.
فكم هي مكافأة عظيمة أن جعل الله عزّ وجل فعلها شعيرة من شعائره إلى يوم القيامة فهذه عاقبة الصبر على أمر الله.