«إن كون الأمة المسلمة مسئولة عن نفسها أمام الله لا يضيرها من ضل إذا اهتدت، لا يعني أنها غير محاسبة على التقصير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بينها أولا، ثم في الأرض جميعا. وأول المعروف الإسلام لله وتحكيم شريعته، وأول المنكر الجاهلية والاعتداء على سلطان الله وشريعته. وحكم الجاهلية هو حكم الطاغوت، والطاغوت: هو كل سلطان غير سلطان الله وحكمه .. والأمة المسلمة قوّامة على نفسها أولا، وعلى البشرية كلها أخيرا. وليس الغرض من بيان حدود التبعة في الآية كما فهم بعضهم قديما- وكما يمكن أن يفهم بعضهم حديثا- أن المؤمن الفرد غير مكلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- إذا اهتدى هو بذاته- ولا أن الأمة المسلمة غير مكلفة بإقامة شريعة الله في الأرض- إذا هي اهتدت بذاتها- وضل الناس من حولها. إن هذه الآية لا تسقط عن الفرد ولا عن الأمة التبعة في كفاح الشر، ومقاومة الضلال ومحاربة الطغيان- وأطغى الطغيان الاعتداء على ألوهية الله، واغتصاب سلطانه، وتعبيد الناس لشريعة غير شريعته.
«وكلا والله إن هذا الدين لا يقوم إلا بجهد وجهاد. ولا يصلح إلا بعمل وكفاح.
ولا بد لهذا الدين من أهل يبذلون جهدهم لرد الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ولتقرير ألوهية الله في الأرض، ولرد المغتصبين لسلطان الله عما اغتصبوه من هذا السلطان، ولإقامة شريعة الله في حياة الناس، وإقامة الناس عليها .. ولا بد من جهد. بالحسنى حين يكون الضالون أفرادا ضالين، يحتاجون إلى الإرشاد والإنارة، وبالقوة إن وجدت حين تكون القوة الباغية في طريق الناس هي التي تصدهم عن الهدى، وتعطل دين الله أن يوجد، وتعوق شريعة الله أن تقوم» اه
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ حضور الموت: مشارفته وظهور أماراته، والتقدير العام: شهادة بينكم حين حضور أحدكم الموت حين الوصية شهادة اثنين، وفي النّص دليل على وجوب الوصيّة ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هذه صفة للشاهدين، اشترط العدالة لهما، وأن يكونا منا، وهل المراد ب (منكم) من المسلمين، أو من أقارب الميت، ومن يلوذ به لأنهم هم الأعلم بحالات الميت، قولان للمفسرين، والجمهور على أن المراد هو الأول، أي من المسلمين أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ. أي: من غير المسلمين على القول الذي عليه الجمهور إِنْ أَنْتُمْ