للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ الاستجابة: الطاعة والامتثال، والدعوة: البعث والتحريض لِما يُحْيِيكُمْ اختلف المفسرون في المراد بما يحيي هنا هل هو كل ما أنزل الله من وحي، أو هو الجهاد، لأنه بدون جهاد يتغلب الكافرون فيقتلون المسلمين ويذلونهم ويحرفونهم، ولأن الجهاد هو طريق الشهادة التي هي طريق الحياة؟ والذي أرجحه أن المراد بذلك الاستجابة المطلقة، ومنها الاستجابة إلى الحرب خاصة، وما الفارق بين هذا التوجيه والتوجيه السابق؟ الذي يبدو أن الاستجابة تدخل فيها حالات خاصة فهي جزء من الطاعة، ولكن لها مضمونها، فالاستجابة تفيد قوة التجاوب مع الاستنفار للحرب وغيره، ومما يؤكد أن الاستجابة في الآية يدخل فيها الاستجابة لأمر الحرب ما رواه محمد بن إسحاق عن عروة بن الزبير في تفسير قوله تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ قال أي للحرب التي أعزكم الله تعالى بها بعد الذل، وقواكم بها بعد الضعف، ومنعكم من عدوكم بعد القهر منهم. اه. وإذن فالآية تحض حضا خاصا على الاستجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن القتال، مع ملاحظة وجوب الاستجابة لله والرسول في كل شئ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ إما بتقليب قلبه عقوبة له، وإما بفرار قلبه عن المعاني الإيمانية الصالحة لعدم استقامة الجوارح، وإما بتفويت الفرصة على الإنسان حتى يصل إلى التمكن من إخلاص القلب لله بالموت أو بالصوارف، ومن ثم فعليكم بالاستجابة لله والرسول ليوفق قلوبكم إلى الخير وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ أي: واعلموا أنكم تحشرون إليه فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة، وكما يترتب على عدم الاستجابة لله والرسول صرف القلب عن الخير أو الإيمان فإنه يترتب على ذلك نزول عذاب

وَاتَّقُوا فِتْنَةً أي اختبارا ومحنة يعم بها المسئ وغيره، ولا يخص بها أهل المعاصي ولا من باشر الذنب بل يعمهما حيث لم تدفع المعاصي وترفع لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي إن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمكم وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ إذا عاقب، ولكي تكون الاستجابة كاملة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالقتال وما يشبهه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك، ذكرهم بحالهم قبل بدر وحالهم بعده

وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ أي واذكروا وقت كونكم قلة أذلة مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ لأن الناس كلهم كانوا لهم أعداء مضادين فَآواكُمْ أي في المدينة وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ يوم بدر وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ كالغنائم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هذه النعم فتستجيبون لله

<<  <  ج: ص:  >  >>