١ - وردت أحاديث تدل على أن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، ووردت أحاديث تدل على أن إبراهيم حرم مكة والجمع بينها: أن إبراهيم بلغ عن الله حكمه فيها وتحريمه إياها، وأنها لم تزل بلدا حراما عند الله قبل بناء إبراهيم عليه السلام لها.
٢ - في صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح» أي لقتال، فدل هذا وغيره مما سنرى على تحريم القتال في الحرم. جاء في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها (أي لا يجز ولا يقلع كلؤها) فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال: إلا الإذخر» وهذا لفظ مسلم.
وأخرج مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما، وإني حرمت المدينة، حراما ما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تخبط فيها شجرة إلا لعلف، اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم بارك لنا في صاعنا اللهم بارك لنا في مدنا اللهم اجعل مع البركة بركتين».
[فصل في دلالة ذكر الذرية في مقطع إبراهيم عليه السلام]
يلاحظ أن إبراهيم عليه السلام رغب أن تكون الإمامة في ذريته فلما قال الله تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي وقص الله علينا دعاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ولذلك دلالاته: قال صاحب الظلال تعليقا على النص الأول:
«عندئذ تدرك إبراهيم فطرة البشر: الرغبة في الامتداد عن طريق الذراري والأحفاد، ذلك الشعور الفطري العميق الذي أودعه الله فطرة البشر لتنمو الحياة، وتمضي في طريقها المرسوم، ويكمل اللاحق ما بدأه السابق، وتتعاون الأجيال كلها وتتساوق، ذلك الشعور الذي يحاول بعضهم تحطيمه أو تعويقه وتكبيله (كالحركة الشيوعية)، وهو مركوز في أصل الفطرة لتحقيق تلك (الحكمة) البعيدة المدى وعلى