للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتدائهم في السبت، كما سيأتي تفصيله في سورة الأعراف وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ. أي:

الشيطان، أي ما زيّنه الشيطان لهم للعبادة، كالعجل والبعل وغير ذلك أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً. أي: المتصفون بهذه الصفات مكانهم أكثر شرا، ووصف المكان بالشرّية، والمراد أهله للمبالغة وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ. أي: عن قصد الطريق الموصل إلى الجنة، فهم لا يهتدون إلى هذا الطريق لأن هذا الطريق هو الذي بعث الله به محمدا صلّى الله عليه وسلّم وهم لا يؤمنون به.

ثم وصف الله- عزّ وجل- نوعا من المنافقين من اليهود فقال:

وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ. أي: يدخلون على النبي صلّى الله عليه وسلّم ويظهرون له الإيمان نفاقا، والتقدير: دخلوا كافرين، وخرجوا كافرين.

وتقديره: متلبسين بالكفر وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ أي: من النفاق

وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ. أي: من اليهود يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ. أي: يبادرون في المعصية كالكذب وَالْعُدْوانِ. أي الظلم، والمسارعة في الشئ: الشروع فيه بسرعة وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ. أي: الحرام وخاصة الرّشا لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي:

لبئس شيئا عملوه

لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ أي: الزّهّاد والعبّاد وَالْأَحْبارُ. أي:

العلماء عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ. أي: لبئس الصنيع صنيعهم.

[كلمة في السياق]

١ - بعد أن نهانا الله- عزّ وجل- عن اتخاذ الذين اتخذوا ديننا هزوا ولعبا أولياء، يكشف لنا الكثير من حقيقتهم، التي تنفرنا عن أن نتخذهم أولياء، والسّياق لا زال مستمرا في بيان مثالبهم، ولذلك سيأتي معنا وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ.

٢ - يلاحظ أن هذا المقطع فيه حديث عن السّحت، وقد بدأ المقطع السابق عليه بالكلام عن السّحت، وقد كنّا قلنا إن هذين المقطعين يشكلان قسما من أقسام سورة المائدة، وهذا مظهر من مظاهر وحدة المقطعين، ومن مظاهر ذلك: أنّه بناء على ما مر في المقطع السابق نهينا عن اتخاذ أهل الكتاب أولياء وأن ما نحن فيه تعليل للنهي

عن اتخاذهم أولياء.

[فوائد]

١ - [مهمة العباد والزهاد والعلماء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

غلب على بعض العبّاد والزهّاد في الأمّة الإسلامية العزلة عن الناس، وترك الدعوة الشاملة، مع أن هؤلاء أولى بالقيام بهذه الشئون، وكذلك العلماء، بل الأمر في حقهم

<<  <  ج: ص:  >  >>