البقرة في شقيه محور سورة النساء، ومحور سورة المائدة.
٤ - مجئ الأمر بالتقوى، والقول السديد بعد النّهي عن إيذاء الرّسول صلّى الله عليه وسلم يوحي بأننا مطالبون بشيئين: ترك الكلام المؤذي وقول الكلام السّديد، ولذلك صلته ببعضه بعضا.
٥ - ذكر التكليف وثقله في هذا المقطع له صلة بمحور السورة من سورة البقرة من حيث إننا هناك كلّفنا وهاهنا ذكر ثقل التكليف وحكمته.
[التفسير]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى بوصفه ما ليس فيه، وبذكره بما يؤذيه فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا أي من مضمون القول ومؤداه، وهو الأمر المعيب وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً أي ذا جاه ومنزلة.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ أي اخشوه وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً أي صدقا وصوابا، أو قاصدا إلى الحق، لأن السداد: القصد إلى الحق، والقول بالعدل قال ابن كثير:(مستقيما لا اعوجاج فيه ولا انحراف، ووعدهم أنهم إذا فعلوا ذلك أثابهم عليه بأن يصلح لهم أعمالهم، أي يوفّقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل يلهمهم التوبة منها) ومن ثمّ قال
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ أي يقبل طاعتكم، أو يوفقكم لصالح العمل وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أي يمحها، دل ذلك على أن حفظ اللّسان، وسداد القول، مع تقوى الله، رأس كل خير. قال النسفي: والمعنى: (راقبوا الله في حفظ ألسنتكم، وتسديد قولكم؛ فإنكم إن فعلتم ذلك أعطاكم ما هو غاية الطلبة، من تقبّل حسناتكم، والإثابة عليها، ومن مغفرة سيئاتكم وتكفيرها) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً في الدنيا والآخرة.
...
وفي الصلة بين النهي عن الإيذاء، وبين الأمر بالتقوى، والقول السّديد، يقول النسفي: (وهذه الآية مقرّرة للتي قبلها؛ بنيت تلك على النهي عمّا يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهذه على الأمر باتقاء الله في حفظ اللسان، ليترادف عليهم النهي والأمر، مع اتباع النهي ما يتضمن الوعيد من قصة موسى عليه السلام، واتباع الأمر الوعد