السؤال. والاعتقاد بأن التوجه للدعاء توفيق من الله، والاستجابة فضل آخر. وقد كان عمر- رضي الله عنه- يقول:«أنا لا أحمل همّ الإجابة إنما أحمل همّ الدعاء. فإذا ألهمت الدعاء كانت الإجابة معه» وهي كلمة القلب العارف، الذي يدرك أن الله حين يقدر الاستجابة يقدر معها الدعاء. فهما- حين يوفق الله- متوافقان متطابقان.
فأما الذين يستكبرون عن التوجه لله فجزاؤهم الحق أن يوجهوا أذلاء صاغرين لجهنم! وهذه نهاية الكبر الذي تنتفخ به قلوب وصدور في هذه الأرض الصغيرة، وفي هذه الحياة الرخيصة، وتنسى ضخامة خلق الله. فضلا على نسيانها عظمة الله. ونسيانها للآخرة، وهي آتية لا ريب فيها. ونسيانها للموقف الذليل في الآخرة بعد النفخة والاستكبار).
كلمة في السياق:[حول علاقة المجموعة بما قبلها وما بعدها وبالمحور، وملاحظة حول المجموعات القادمة]
١ - جاءت هذه الآيات بعد الآية التي قالت إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ وكأنّها تذكر أمهات القضايا التي يجادلون فيها، وهي الساعة والإيمان والعمل الصالح والعبادة، وقد عرضها الله عزّ وجل عرضا يظهر منه أنّ جدالهم في غير محله، فذكر أن خلق السموات والأرض
أكبر من خلق الناس، فموضوع البعث بديهي، وذكر أن الإيمان والعمل الصالح لا يستوي مع الإساءة، كما لا يستوي الأعمى والبصير، فالإيمان والعمل الصالح لا ينبغي أن يمارى في فضلهما، والعبادة لله عزّ وجل بديهية من البديهيات، كيف والله عزّ وجل قد خلق للإنسان ما خلق ممّا سنراه في المجموعة اللاحقة، فالمجموعة تربط بين ما قبلها وما بعدها.
٢ - جاءت هذه المجموعة بعد أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلم بالصبر والتسبيح والاستعاذة بالله، فكانت برهانا على مجئ اليوم الآخر، وتهييجا على الإيمان والعمل الصالح والدعاء والعبادة التي فيها الاستغفار والتسبيح والاستعاذة.
٣ - إذا تأمّلنا محور السورة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وتأمّلنا قوله تعالى في المجموعة إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ وإذا تأمّلنا عدم استواء الإيمان والكفر، والعمل الصالح والإساءة،