١ - [كلام صاحب الظلال حول آية وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ .. ]
عند قوله تعالى: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قال صاحب الظلال: (والرزق قد يكون المقصود به هو الماء النازل من السماء. كما فهم منه القدماء. ولكن رزق السماء أوسع. فهذه الأشعة التي تنزل من السماء ليست أقل أثرا في إحياء الأرض من الماء، بل إنها لهي التي ينشأ عنها الماء بإذن الله. فحرارة الشمس هي التي تبخر الماء من البحار، فتتكاثف وتنزل أمطارا، وتجري عيونا وأنهارا؛ وتحيا بها الأرض بعد موتها. تحيا بالماء وتحيا بالحرارة والضياء سواء؟)
٢ - [كلام الألوسي حول آية قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ]
وعند قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ قال الألوسي: (أي يعفوا ويصفحوا عن الذين لا يتوقعون وقائعه تعالى بأعدائه ونقمته فيهم، فالرجاء مجاز عن التوقع، وكذا الأيام مجاز عن الوقائع، من قولهم: أيام العرب لوقائعها، وهو مجاز مشهور، وروي ذلك عن مجاهد. أو لا يأملون الأوقات التي وقّتها الله تعالى لثواب المؤمنين، ووعدهم الفوز فيها، والآية قيل: نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بها
وقال بعضهم: لا نسخ؛ لأن المراد هنا ترك النزاع في المحقرات والتجاوز عن بعض ما يؤذي ويوحش. وحكى النحاس، والمهدوي عن ابن عباس أنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه شتمه مشترك بمكة قبل الهجرة فهمّ أن يبطش به، فنزلت. وروي ذلك عن مقاتل، وهذا ظاهر في كونها مكية كأخواتها.
نعم قيل: إن النبي صلّى الله عليه وسلم وأصحابه نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر يقال له المريسيع، فأرسل ابن أبيّ غلامه ليستقي فأبطأ عليه، فلما أتاه قال له: ما حبسك؟
قال: غلام عمر، قعد على طرف البئر، فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي صلّى الله عليه وسلم وقرب أبي بكر رضى الله تعالى عنه، فقال ابن أبي: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل سمّن كلبك يأكلك، فبلغ ذلك عمر رضي الله تعالى عنه فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى الآية؛ وحكاه الإمام عن ابن عباس وهو يدل على أنها مدنية، وكذا ما روي عن ميمون بن مهران قال: إن فنحاصا اليهودي قال لما أنزل الله تعالى مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً*: احتاج رب محمد، فسمع بذلك عمر رضي الله عنه فاشتمل سيفه، وخرج، فبعث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في طلبه حتى رده ونزلت الآية.