والقبط قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ أي قرب أن يلحقنا عدونا، وأمامنا البحر
قالَ موسى عليه السلام ثقة بوعد الله إياه كَلَّا أي ارتدعوا عن سوء الظن بالله فلن يدركوكم إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ أي سيهديني طريق النجاة من إدراكهم وإضرارهم
فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ أي البحر الأحمر على القول الراجح فَانْفَلَقَ أي فضرب فانفلق وانشق، فصار اثني عشر فرقا على عدد الأسباط فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ أي كل جزء تفرق منه كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ أي كالجبل الكبير الضارب في الجو
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ حيث انفلق البحر الْآخَرِينَ أي قوم فرعون، أي قربناهم من بني إسرائيل أو من البحر
وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ أي أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم، فلم يهلك منهم أحد
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ أي فرعون وجنوده، فلم يبق منهم رجل إلا هلك، ثم تأتي الآيتان اللتان تتكرران في هذه السورة عقب المقدمة، وعقب كل قصة وهما:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أي إن في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين، لدلالة وحجة قاطعة، وحكمة بالغة، ومع ذلك فإن أكثر الخلق لا يؤمنون، كما أن في هذه القصة دلالة على أن الله متصف بالعزة والرحمة، ومن عزته أن يقهر أعداءه، ومن رحمته أن ينصر أولياءه.
[ملاحظة]
رأينا أن قصة موسى وفرعون هنا لم تذكر بعض تفصيلات مما ذكر في سور أخرى كالأعراف وطه، وذكرت تفصيلات لم تذكر هناك، وذلك لأن القصة في كل سورة من سور القرآن تخدم سياق السورة الخاص ومحورها، فلا يؤتى منها إلا ما يخدم ذلك، وهذه قضية ينبغي أن يلاحظها الدارسون.
[كلمة في السياق]
رأينا أن محور سورة الشعراء هو قوله تعالى من سورة البقرة: