أثرة من الله وتقريب وإنما هو خذلان وتبعيد، وصيغة الاستدراج في اللغة مشتقة من الدرجة وتفيد إما الاستصعاد أو الاستنزال درجة بعد درجة مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ أي ما يراد بهم
وَأُمْلِي لَهُمْ أي وأمهلهم إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أي أخذي قوي شديد سماه كيدا لأنه شبيه بالكيد من حيث إنه في الظاهر إحسان وفي الحقيقة خذلان
أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا في شأن محمد صلى الله عليه وسلم فإنه ليس مجنونا حاشاه ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ أي ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجنون وما به جنون إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ أي منذر من الله مُبِينٌ أي موضح إنذاره
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا نظرا استدلال فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي في هذا الملك العظيم وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ أي وفيما خلق الله وما يقع عليه اسم الشئ من أجناس لا يحصرها العدد وَأَنْ عَسى أي وأنه عسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ أي أو لم ينظروا في أن الشأن والحديث عسى أن يكون قد اقترب أجلهم ولعلهم يموتون عما قريب فليسارعوا إلى النظر وطلب الحق وما ينجيهم قبل مفاجأة الأجل وحلول العقاب فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ أي بعد القرآن يُؤْمِنُونَ أي إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي شئ يمكن أن يؤمنوا والقرآن هو الغاية فى الهداية والمعنى: لعل أجلهم قد اقترب فما لهم لا يبادرون إلى الإيمان بالقرآن قبل الفوت؟ وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا به؟
مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ أي من يضلله فَلا هادِيَ لَهُ أي لا يهديه أحد وَيَذَرُهُمْ أي وهو يتركهم فِي طُغْيانِهِمْ أي في كفرهم يَعْمَهُونَ أي يتحيرون
يَسْئَلُونَكَ السائلون هم اليهود أو قريش عَنِ السَّاعَةِ أي القيامة وسميت القيامة بالساعة لوقوعها بغتة، أو لسرعة ما يجزى فيها، أو لأنها عند الله على بعدها كساعة من الساعات عند الخلق أَيَّانَ مُرْساها أي وقت إرسائها أي متى إثباتها والمعنى متى يرسيها الله قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي أي علم وقت إرسائها عنده قد استأثر به لم يخبر به أحدا من ملك مقرب ولا نبي مرسل ليكون ذلك أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية كما أخفى الأجل الخاص وهو وقت الموت لذلك لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ أي لا يظهر أمرها ولا يكشف خفاء علمها إلا هو وحده ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي كل من أهلهما من الملائكة والثقلين أهمه شأن الساعة ويتمنى أن يتجلى له علمها وشق عليه خفاؤها وثقل عليه، أو ثقلت فيهما لأن أهلهما يخافون شدائدها، وأهوالها لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً أي فجأة على غفلة منكم يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ كرر (يسألونك وعلمها